الاثنين، 11 أكتوبر 2021

وقفات مع قول القائل : لولا سيدنا محمد ﷺ ما خلق الله الخلق!

 


لولا سيدنا محمد ﷺ ما خلق الله الخلق!
فليأخذها النابتة من ابن تيمية عليه السلام:
قال الإمام البوصيري رحمه الله ونفعنا ببردته الشريفة:
وكيف تدعوإلى الدنيا ضرورة من *** لولاه لم تخرج الدنيا من العدم
وقال:
دع ما ادعته النصارى في نبيهم *** واحكم بما شئت مدحا فيه واحتكم
***
وهذا ما كتبته منذ سنوات، أعيد نشره للفائدة:
هذا نص مهم شريف، يبين:
كيف يفهم العلماء الكلام المحتمل،
ويلتمسون المحامل الصحيحة،
ولا يهجمون على الإنكار،
وأن ما يفعله في ذلك بعض المعاصرين من المنتسبين للعلم واتباع السلف= ليس مسلكا علميا،
وأن الحساسية المفرطة في جانب المديح النبوي= غلو،
وأن ما هم فيه= إنما هو جلافة وضيق عطن..
ولو أنك نقلتَ هذا النقل دون ذكر قائله: لسارع هؤلاء إلى تبديعه وإنكاره،
وجرِّب ذلك وسترى، ثم اذكره معزوا إلى قائله وهو شيخ الإسلام ابن تيمية، وستعرف حينها ما أقول لك..
ملحوظة: سبق لي أن نقلت هذا النقل عدة مرات، أولها منذ ست سنوات!
__
قال ابن تيمية رحمه الله:
(وقد ظهر فضل نبينا على الملائكة ليلة المعراج، لما صار بمستوى يسمع فيه صريف الأقلام، وعلا على مقامات الملائكة، والله تعالى أظهر من عظيم قدرته وعجيب حكمته من صالحي الآدميين من الأنبياء والأولياء ما لم يظهر مثله من الملائكة، حيث جمع فيهم ما تفرق في المخلوقات، فخلق بدنه من الأرض، وروحه من الملأ الأعلى، ولهذا يقال: "هو العالم الصغير، وهو نسخة العالم الكبير".
ومحمد سيد ولد آدم، وأفضل الخلق وأكرمهم عليه.
ومن هنا قال من قال: "إن الله خلق من أجله العالم"، أو: "إنه لولا هو: لما خلق عرشا ولا كرسيا ولا سماء ولا أرضا ولا شمسا ولا قمرا"..
لكن ليس هذا حديثا عن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم؛ لا صحيحا، ولا ضعيفا، ولم ينقله أحد من أهل العلم بالحديث عن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم، بل ولا يعرف عن الصحابة،
بل هو كلام لا يُدرى قائلُه، ويمكن أن يفسر بوجه صحيح؛ كقوله: {سخر لكم ما في السماوات وما في الأرض}، وقوله: {وسخر لكم الفلك لتجري في البحر بأمره وسخر لكم الأنهار . وسخر لكم الشمس والقمر دائبين وسخر لكم الليل والنهار . وآتاكم من كل ما سألتموه وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها}، وأمثال ذلك من الآيات التي يبين فيها أنه خلق المخلوقات لبني آدم، ومعلوم أن لله فيها حكما عظيمة غير ذلك وأعظم من ذلك، ولكن يبين لبني آدم ما فيها من المنفعة وما أسبغ عليهم من النعمة.
فإذا قيل: "فعل كذا لكذا"= لم يقتض أن لا يكون فيه حكمة أخرى.
وكذلك قول القائل: "لولا كذا ما خلق كذا"= لا يقتضي أن لا يكون فيه حكم أخرى عظيمة؛ بل يقتضي إذا كان أفضل صالحي بني آدم محمد، وكانت خلقته غاية مطلوبة وحكمة بالغة مقصودة أعظم من غيره= صار تمام الخلق ونهاية الكمال حصل بمحمد صلى الله تعالى عليه وسلم،
والله خلق السموات والأرض وما بينهما في ستة أيام ،وكان آخر الخلق يوم الجمعة، وفيه خلق آدم، وهو آخر ما خلق خلق يوم الجمعة بعد العصر في آخر يوم الجمعة، وسيد ولد آدم هو محمد صلى الله تعالى عليه وسلم، آدم فمن دونه تحت لوائه..
قال صلى الله تعالى عليه وسلم: {إني عند الله لمكتوب خاتم النبيين وإن آدم لمنجدل في طينته}، أي: كُتبتْ نبوتي وأُظهرتْ لما خُلق آدم قبل نفخ الروح فيه؛ كما يكتب الله رزق العبد وأجله وعمله وشقي أو سعيد إذا خلق الجنين قبل نفخ الروح فيه.
فإذا كان الإنسان هو خاتم المخلوقات وآخرها، وهو الجامع لما فيها، وفاضله هو فاضل المخلوقات مطلقا،
ومحمد إنسان هذا العين، وقطب هذه الرحى، وأقسام هذا الجمع
= كان كأنها غاية الغايات في المخلوقات،
فما ينكَر أن يقال: "إنه لأجله خلقت جميعها، وإنه لولاه لما خُلقت".
فإذا فسر هذا الكلام ونحوه بما يدل عليه الكتاب والسنة= قُبل ذلك.
وأما إذا حصل في ذلك غلو من جنس غلو النصارى بإشراك بعض المخلوقات في شيء من الربوبية= كان ذلك مردودا غير مقبول؛
فقد صح عنه صلى الله تعالى عليه وسلم أنه قال: "لا تطروني كما أطرت النصارى عيسى ابن مريم، فإنما أنا عبد فقولوا: عبد الله ورسوله"، وقد قال تعالى:{يا أهل الكتاب لا تغلوا في دينكم ولا تقولوا على الله إلا الحق إنما المسيح عيسى ابن مريم رسول الله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه فآمنوا بالله ورسله ولا تقولوا ثلاثة انتهوا خيرا لكم إنما الله إله واحد} ...). انتهى.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق