الجمعة، 28 أبريل 2017

حكم تهنئة غير المسلمين بأعيادهم

 



تهنئة غير المسلمين بأعيادهم
س: تقوم جماعة المسلمين الأمريكان بتهنئة بعض المؤسسات غير المسلمة بأعيادهم الدينية و غير الدينية و هذا إقرار لهذه المؤسسات بدينهم الباطل و هذا لا يجوز في شرعنا و هو حرام كما أفتى بذلك الفقهاء
ج: هذا بحث في الموضوع يليه مجموعة من الفتاوى التي تجيز تهنئة غير المسلمين بأعيادهم مع ضوابط

الدكتور محمد عبد اللطيف البنا

بسم الله ، والحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله ، وبعد..
فمن الموضوعات الجدلية التي تلقي بظلالها كل عام موضوع تهنئة النصارى بأعياد الميلاد، ويختلف الفقهاء المعاصرون في تكييف الحكم الفقهي لها من بين مؤيد لتهنئتهم، ومعارض لذلك، ويستند كل فريق من الفريقين إلى مجموعة من الأدلة.
وما أود قوله إن المسألة، وإن كان البعض يدخلها في خصوصيات العقيدة الإسلامية، إلا أن لها حكما فقهيا يستند إلى النظر الدقيق، والتفكر العميق في نصوص الشريعة الإسلامية.
وأحببت أن أنقل للقارئ الكريم وجهات النظر المختلفة في الموضوع من خلال الفتاوى الواردة على بعض مواقع الإنترنت، ثم أعلق على هذه الفتاوى بحول الله تعالى وقوته.
أولا : رأي المانعين لتهنئة النصارى بأعياد ميلادهم:
يرى ذلك فضيلة الشيخ ابن تيمية وابن القيم رحمهما الله تعالى وتبعهما في الحكم والاستناد للأدلة كثير من علماء السلف المعاصرين كالشيخ ابن باز والشيخ ابن عثيمين رحمهما الله تعالى، وغيرهم كالشيخ إبراهيم بن محمد الحقيل حيث له فتوى بعنوان أعياد الكفار وموقف المسلمين منها، نشرت على موقع إسلام اليوم، وتناقلتها كثير من المواقع.
فتهنئتهم في أعيادهم الدينية حرام؛ لأن هذه الأعياد من شعائرهم الدينية والله لا يرضى لعباده الكفر، كما أن تهنئتهم، فيه من التشبه بهم وهو حرام، ومن صور التشبه :
1 – مشاركتهم في تلك الأعياد.
2 – نقل احتفالاتهم إلى بلاد المسلمين.
وكذلك يرون وجوب اجتناب أعياد الكفار، واجتناب موافقتهم في أفعالهم، واجتناب المراكب التي يركبونها لحضور أعيادهم، وعدم الإهداء لهم أو إعانتهم على عيدهم ببيع أو شراء، و عدم إعانة المسلم المتشبه بهم في عيدهم على تشبهه، و عدم تهنئتهم بعيدهم، و اجتناب استعمال تسمياتهم ومصطلحاتهم التعبدية.
هذا مجمل ما يستندون إليه ونقلوا نصوصا مطولة من كلام الأئمة ابن تيمية، وابن القيم رحمهما الله تعالى في ذلك.
وممن منع ذلك أيضا فضيلة الشيخ جعفر الطلحاوي من علماء الأزهر الشريف وذكر أن التحجج بالتوسعة في ذلك اليوم أمامه العام كل ليوسع على أولاده ويمكنكم مطالعة ما قاله في الفتوى التالية: الاحتفال برأس السنة الميلادية
ثانيا: المجيزون لتهنئة النصارى بأعيادهم:
يرى جمهور من المعاصرين جواز تهنئة النصارى بأعيادهم ومن هؤلاء الدكتور الشيخ العلامة يوسف القرضاوي حيث يرى أن تغير الأوضاع العالمية، هو الذي جعلني أخالف شيخ الإسلام ابن تيمية في  تحريمه تهنئة النصارى وغيرهم بأعيادهم، وأجيز ذلك إذا كانوا مسالمين للمسلمين، وخصوصا من كان بينه وبين المسلم صلة خاصة، كالأقارب والجيران في المسكن، والزملاء في الدراسة، والرفقاء في العمل ونحوها، وهو من البر الذي لم ينهنا الله عنه. بل يحبه كما يحب الإقساط إليهم “إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ” الممتحنة. ولا سيّما إذا كانوا هم يهنئون المسلمون بأعيادهم، والله تعالى يقول: “وَإِذَا حُيِّيْتُم بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّواْ بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا” النساء86.
وكذلك أجاز التهنئة المجلس الأوربي للبحوث والإفتاء خاصة إن كانوا غير محاربين، ولخصوصية وضع المسلمين كأقلية في الغرب، وبعد استعراض الأدلة خلص المجلس لما يلي:لا مانع إذن أن يهنئهم  الفرد المسلم، أو المركز الإسلامي بهذه المناسبة، مشافهة أو بالبطاقات التي لا تشتمل على شعار أو عبارات دينية تتعارض مع مبادئ الإسلام مثل ( الصليب ) فإن الإسلام ينفي فكرة الصليب ذاتها ((وما قتلوه وما صلبوه ولكن شبه لهم)) النساء : 156.
والكلمات المعتادة للتهنئة في مثل هذه المناسبات لا تشتمل على أي إقرار لهم على دينهم، أو رضا بذلك، إنما هي كلمات مجاملة تعارفها الناس.
ولا مانع من قبول الهدايا منهم، ومكافأتهم عليها، فقد قبل النبي صلى الله عليه وسلم هدايا غير المسلمين مثل المقوقس عظيم القبط بمصر وغيره، بشرط ألا تكون هذه الهدايا مما يحرم على المسلم كالخمر ولحم الخنزير. ويمكنكم متابعة تفاصيل رأيهم في هذه الفتوى : تهنئة غير المسلمين بأعيادهم: الحكم والضوابط
ومن المجيزين أيضا ولكن مع وضع ضوابط شرعية كأن لا تحتوى التهنئة على مخالفات شرعية كتقديم الخمور هدية، فضيلة الأستاذ الدكتور عبد الستار فتح الله سعيد -أستاذ التفسير وعلوم القرآن بجامعة الأزهر ويمكن مراجعة فتواه في الرابط التالي:ضوابط تهنئة النصارى بأعيادهم.
وأجاز التهنئة من باب حق الجوار الأستاذ الدكتور محمد السيد دسوقي -أستاذ الشريعة بجامعة قطر، وأجازها من قبيل المجاملة وحسن العشرة فضيلة الشيخ مصطفى الزرقا رحمه الله فقال: إنّ تهنئةَ الشّخص المُسلِم لمعارِفه النّصارَى بعيدِ ميلاد المَسيح ـ عليه الصّلاة والسلام ـ هي في نظري من قَبيل المُجاملة لهم والمحاسَنة في معاشرتهم، ويمكن مراجعة ذلك في الفتوى التالية: تهنئة النصارى بعيد الميلاد وطباعة بطاقات التهنئة.
وأجاز الشيخ محمد رشيد رضا رحمه الله زيارة غير المسلم وتهنئته بالعيد واستشهد بأن النبي –صلى الله عليه وسلم- عاد غلاما يهوديا، ودعا للإسلام فأسلم، وأجاز الشيخ أحمد الشرباصي رحمه اللهمشاركة النصارى في أعياد الميلاد بشرط ألا يكون على حساب دينه، وكذلك فضيلة الشيخ عبد الله بن بية نائب رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين أجاز ذلك، وطالب المسلمين بأن تتسع صدورهم في المسائل الخلافية.
الرأي الراجح :
أولا: التهنئة لا تعني الرضا بما هم عليه:
يجب توضيح مفهوم مهم جدا يتمثل في أن التهنئة ليس معناها اعتناق عقيدتهم أو الرضا بما يفعلون، أو الدخول في دينهم، وإنما هي نوع من البر ولم ينهنا الله تعالى عنه، يقول الله تعالى:” لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ {8} إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَن تَوَلَّوْهُمْ وَمَن يَتَوَلَّهُمْ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ {9}” الممتحنة. وهناك فرق كبير بين الود والبر، وبين اتخاذهم أولياء، ومجرد التعايش السلمي وفق أسس منضبطة ومعاهدات لم تظلم طرفا، وغرضها التعايش السلمي كما فعل النبي-صلى الله عليه وسلم مع اليهود.
ثانيا: التفرقة بين أعيادهم الدينية وغير الدينية:
يجب التفرقة بين أعياد دينية تمثل عقيدتهم، وبين أعياد قومية وهو ما نستشعره في فتوى أعياد الكفار وموقف المسلمين منها ففرق فيها بين ” ما هو ديني ـ من أساس دينهم أو ممـّـا أحدثوه فيه ـ وكثير من أعيادهم ما هو إلاّ من قبيل العادات والمناسبات التي أحدثوا الأعياد من أجلها، كالأعياد القومية ونحوها ، ويهمنا هنا عيد الميلاد وعيد رأس السنة” وفي فتوى المجلس الأوربي للبحوث والإفتاء لا يرى بأسا من التهنئة والمشاركة في “الأعياد الوطنية والاجتماعية، مثل عيد الاستقلال، أو الوحدة، أو الطفولة والأمومة ونحو ذلك، فليس هناك أي حرج على المسلم أن يهنئ بها، بل يشارك فيها، باعتباره مواطناً أو مقيماً في هذه الديار على أن يجتنب المحرمات التي تقع في تلك المناسبات المجلس الأوربي”.
فكأن هناك اتفاق على أن ما كان أساسه دينيا فلا نشاركهم فيه، وما كان أساسه غير ديني فلا مانع من التهنئة، ولكن بالضوابط المشروعة فلا نأكل ولا نشرب مما حرم في ديننا ، ولا نختلط اختلاطا يرفضه شرعنا، ولا نفرط في ملابسنا التي تستر عواراتنا..
ثالثا: التفرقة بين الحكم الفقهي، والفتوى:
يجب أن نفرق بين الحكم الفقهي والفتوى، فالحكم الفقهي منه ما هو ثابت لا يقبل التغيير ولا التبديل، كالأحكام قطعية الثبوت والدلالة، ومنه ما يقبل التغيير وليس بثابت، وهذا يجوز الاجتهاد معه وليس ضده، في إطاره، وليس خارجا مصطدما معه، ومن هنا قالوا ما دام الحكم متغيرا وما دامت الشريعة مرنة تصلح لكل زمان ومكان، فلا مانع من تغير الفتوى.
ويجب دراسة ملابسات الفتوى التي أصدرها شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم فقد كان عصره مليئا بالحروب، وأي تهاون يعني الرضا بالمحتل، ومن ثم لا بد من اختيار فقهي يحفظ للناس تماسكهم أمام هذا المغتصب.
وفي التشريع الإسلامي نجد أن النبي صلى الله عليه وسلم يختار رأيا فقهيا معينا لضرورة يراها ثم يرجح العكس لأن التربية اكتملت، والعقول فهمت، والنفوس ارتضت دين الله رب العالمين، ومن ذلك زيارة القبور فقد منع الناس منها ثم أجازها، وكثيرا ما نقرأ لولا أن قومك حديثو عهد بالجاهلية..
فالفتوى متغيرة ونحن بصدد فتوى فقهية، قد تصلح لزماننا، ولا تصلح لغيره وهذا المدخل هو ما جعل العلامة القرضاوي يذهب لمخالفة ابن تيمية رحمه الله فقال:” يعد تَغيُّر الأوضاع الاجتماعية والسياسية أمر واقع تقتضيها سنَّة التطور، وكثير من الأشياء والأمور لا تبقى جامدة على حال واحدة، بل تتغير وتتغير نظرة الناس إليها..ومراعاة تغيّر الأوضاع العالمية، هو الذي جعلني أخالف شيخ الإسلام ابن تيمية في تحريمه تهنئة النصارى وغيرهم بأعيادهم، وأجيز ذلك إذا كانوا مسالمين للمسلمين، وخصوصا من كان بينه وبين المسلم صلة خاصة، كالأقارب والجيران في المسكن، والزملاء في الدراسة، والرفقاء في العمل ونحوها، وهو من البر الذي لم ينهنا الله عنه. بل يحبه كما يحب الإقساط إليهم”.
فالمسألة من باب الفتوى وهي تتغير كما هو معروف لدى كل علماء الفقه.
وإزاء ما سبق لا أجد حرجا في التهنئة، خاصة لزملاء العمل، أو الجيران أو من تربطهم علائق خاصة كالمصاهرة وغير ذلك، ولكن بشروط خاصة وهي عدم الاعتقاد مثلهم، أو الرضا بشيء من دينهم، أو شرائعهم المحرمة علينا كما في بعض الأطعمة والأشربة، ولا يصح الاختلاط المذموم، ولا الخلوة بين رجل وامرأة لا تحل له، فضلا عن مس شيء منها.
جاء في فتاوى المجلس الأوربي للبحوث والإفتاء :
مما لا شك أن القضية قضية مهمة وحساسة خاصة للمسلمين المقيمين في بلاد الغرب، وقد ورد إلى المجلس أسئلة كثيرة من الإخوة والأخوات، الذين يعيشون في تلك الديار، ويعايشون أهلها من غير المسلمين، وتنعقد بينهم وبين كثير منهم روابط تفرضها الحياة، مثل الجوار في المنزل، والرفقة في العمل، والزمالة في الدراسة، وقد يشعر المسلم بفضل غير المسلم عليه في ظروف معينة، مثل المشرف الذي يساعد الطالب المسلم بإخلاص، والطبيب الذي يعالج المريض المسلم بإخلاص، وغيرهما. وكما قيل: إن الإنسان أسير الإحسان، وقال الشاعر:
أحسن إلى الناس تستعبد قلوبهم … فطالما استعبد الإنسانَ إحسانُ!
ما موقف المسلم من هؤلاء (غير المسلمين) المسالمين لهم، الذين لا يعادون المسلمين، ولا يقاتلونهم في دينهم، ولم يخرجوهم من ديارهم أو يظاهروا على إخراجهم؟
إن القرآن الكريم قد وضع دستور العلاقة بين المسلمين وغيرهم في آيتين من كتاب الله تعالى في سورة الممتحنة، وقد نزلت في شأن المشركين الوثنيين، فقال تعالى: (( لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين. إنما ينهاكم الله عن الذين قاتلوكم في الدين وأخرجوكم من دياركم، وظاهروا على إخراجكم، أن تولوهم، ومن يتولهم فأولئك هم الظالمون )) الممتحنة: 8-9.
ففرقت الآيتان بين المسالمين للمسلمين والمحاربين لهم:
فالأولون (المسالمون): شرعت الآية الكريمة برهم والإقساط إليهم، والقسط يعني: العدل، والبر يعني: الإحسان والفضل، وهو فوق العدل، فالعدل: أن تأخذ حقك، والبر: أن تتنازل عن بعض حقك. العدل أو القسط: أن تعطي الشخص حقه لا تنقص منه. والبر: أن تزيده على حقه فضلا وإحسانا.
وأما الآخرون الذين نهت الآية الأخرى عن موالاتهم: فهم الذين عادوا المسلمين وقاتلوهم، وأخرجوهم من أوطانهم بغير حق إلا أن يقولوا: ربنا الله، كما فعلت قريش ومشركو مكة بالرسول – صلى الله عليه وسلم – وأصحابه.
وقد اختار القرآن للتعامل مع المسالمين كلمة (البر) حين قال: (أن تبروهم) وهي الكلمة المستخدمة في أعظم حق على الإنسان بعد حق الله تعالى، وهو (بر الوالدين).
وقد روى الشيخان عن أسماء بنت أبي بكر – رضي الله عنها – أنها جاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله، إن أمي قدمت علي وهي مشركة، وهي راغبة (أي في صلتها والإهداء إليها) أفأصلها؟ قال: “صلي أمك” ( متفق عليه).
هذا وهي مشركة، ومعلوم أن موقف الإسلام من أهل الكتاب أخف من موقفه من المشركين الوثنيين.
حتى إن القرآن أجاز مؤاكلتهم ومصاهرتهم، بمعنى: أن يأكل من ذبائحهم ويتزوج من نسائهم، كما قال تعالى في سورة المائدة: ((وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم وطعامكم حل لهم، والمحصنات من المؤمنات والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم)) المائدة:5.
ومن لوازم هذا الزواج وثمراته: وجود المودة بين الزوجين، كما قال تعالى: ((ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة)) الروم: 21.
وكيف لا يود الرجل زوجته وربة بيته وشريكة عمره، وأم أولاده؟ وقد قال تعالى في بيان علاقة الأزواج بعضهم ببعض: ((هن لباس لكم وأنتم لباس لهن)) البقرة: 187.
ومن لوازم هذا الزواج وثمراته: المصاهرة بين الأسرتين، وهي إحدى الرابطتين الطبيعيتين الأساسيتين بين البشر، كما أشار القرآن بقوله: ((وهو الذي خلق من الماء بشرا، فجعله نسباً وصهراً)) الفرقان:54.
ومن لوازم ذلك: وجود الأمومة وما لها من حقوق مؤكدة على ولدها في الإسلام، فهل من البر والمصاحبة بالمعروف أن تمر مناسبة مثل هذا العيد الكبير عندها ولا يهنئها به؟ وما موقفه من أقاربه من جهة أمه، مثل الجد والجدة، والخال والخالة، وأولاد الأخوال والخالات، وهؤلاء لهم حقوق الأرحام وذوي القربى، وقد قال تعالى: (( وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله )) الأنفال: 76، وقال تعالى: (( إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى )) النحل:91.
فإذا كان حق الأمومة والقرابة يفرض على المسلم والمسلمة صلة الأم والأقارب بما يبين حسن خلق المسلم، ورحابة صدره، ووفاءه لأرحامه، فإن الحقوق الأخرى توجب على المسلم أن يظهر بمظهر الإنسان ذي الخلق الحسن، وقد أوصى الرسول الكريم أبا ذر بقوله: “اتق الله حيثما كنت، وأتبع السيئة الحسنة تمحها، وخالق الناس بخلق حسن” ( قال الترمذي : حسن صحيح) هكذا قال: “خالق الناس” ولم يقل: خالق المسلمين بخلق حسن.
كما حث النبي صلى الله عليه وسلم على (الرفق) في التعامل مع غير المسلمين، وحذر من (العنف) والخشونة في ذلك.
ولما دخل بعض اليهود على النبي صلى الله عليه وسلم، ولووا ألسنتهم بالتحية، وقالوا: (السام) عليك يا محمد، ومعنى (السام): الهلاك والموت، وسمعتهم عائشة، فقالت: وعليكم السام واللعنة يا أعداء الله، فلامها النبي صلى الله عليه وسلم على ذلك، فقالت: ألم تسمع ما قالوا يا رسول الله؟ فقال:” سمعت، وقلت: وعليكم”، (يعني: الموت يجري عليكم كما يجري علي) يا عائشة:” الله يحب الرفق في الأمر كله” (متفق عليه).
وتتأكد مشروعية تهنئة القوم بهذه المناسبة إذا كانوا –كما ذكر السائل- يبادرون بتهنئة المسلم بأعياده الإسلامية، فقد أمرنا أن نجازي الحسنة بالحسنة، وأن نرد التحية بأحسن منها، أو بمثلها على الأقل، كما قال تعالى: (( وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها )) النساء:86.
ولا يحسن بالمسلم أن يكون أقل كرما، وأدنى حظا من حسن الخلق من غيره، والمفروض أن يكون المسلم هو الأوفر حظا، والأكمل خلقا، كما جاء في الحديث “أكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم خلقا” (حديث صحيح ، حسنه الترمذي ) وكما قال عليه الصلاة والسلام: “إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق” ( حديث صحيح ).
ويتأكد هذا إذا أردنا أن ندعوهم إلى الإسلام ونقربهم إليه، ونحبب إليهم المسلمين، وهذا واجب علينا فهذا لا يتأتى بالتجافي بيننا وبينهم بل بحسن التواصل.
وقد كان النبي – صلى الله عليه وسلم – حسن الخلق، كريم العشرة، مع المشركين من قريش، طوال العهد المكي، مع إيذائهم له، وتكالبهم عليه، وعلى أصحابه. حتى إنهم –لثقتهم به عليه الصلاة والسلام- كانوا يودعون عنده ودائعهم التي يخافون عليها، حتى إنه صلى الله عليه وسلم حين هاجر إلى المدينة، ترك عليا رضي الله عنه، وأمره برد الودائع إلى أصحابها.
فلا مانع إذن أن يهنئهم الفرد المسلم، أو المركز الإسلامي بهذه المناسبة، مشافهة أو بالبطاقات التي لا تشتمل على شعار أو عبارات دينية تتعارض مع مبادئ الإسلام مثل ( الصليب ) فإن الإسلام ينفي فكرة الصليب ذاتها ((وما قتلوه وما صلبوه ولكن شبه لهم)) النساء : 156.
والكلمات المعتادة للتهنئة في مثل هذه المناسبات لا تشتمل على أي إقرار لهم على دينهم، أو رضا بذلك، إنما هي كلمات مجاملة تعارفها الناس.
ولا مانع من قبول الهدايا منهم، ومكافأتهم عليها، فقد قبل النبي صلى الله عليه وسلم هدايا غير المسلمين مثل المقوقس عظيم القبط بمصر وغيره، بشرط ألا تكون هذه الهدايا مما يحرم على المسلم كالخمر ولحم الخنزير.
ولا ننسى أن نذكر هنا أن بعض الفقهاء مثل شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه العلامة ابن القيم قد شددوا في مسألة أعياد المشركين وأهل الكتاب والمشاركة فيها، ونحن معهم في مقاومة احتفال المسلمين بأعياد المشركين وأهل الكتاب الدينية، كما نرى بعض المسلمين الغافلين يحتفلون بـ(الكريسماس) كما يحتفلون بعيد الفطر، وعيد الأضحى، وربما أكثر، وهذا ما لا يجوز، فنحن لنا أعيادنا، وهم لهم أعيادهم، ولكن لا نرى بأسا من تهنئة القوم بأعيادهم لمن كان بينه وبينهم صلة قرابة أو جوار أو زمالة، أو غير ذلك من العلاقات الاجتماعية، التي تقتضي حسن الصلة، ولطف المعاشرة التي يقرها العرف السليم .
أما الأعياد الوطنية والاجتماعية، مثل عيد الاستقلال، أو الوحدة، أو الطفولة والأمومة ونحو ذلك، فليس هناك أي حرج على المسلم أن يهنئ بها، بل يشارك فيها، باعتباره مواطناً أو مقيماً في هذه الديار على أن يجتنب المحرمات التي تقع في تلك المناسبات.( انتهى).
ملحوظة : خالف عضو المجلس الدكتور محمد فؤاد البرازي هذا القرار بقوله: “لا أوافق على تهنئتهم في أعيادهم الدينية، أو مهاداتهم فيها”.
ويقول فضيلة الأستاذ الدكتور عبد الستار فتح الله سعيد -أستاذ التفسير وعلوم القرآن بجامعة الأزهر- :
الجواب عن هذا السؤال يحتاج إلى نوع من التفصيل.
التهنئة لغير المسلم مطلقًا بدون مخالفة شرعية جائزة، وهي من باب حسن الأخلاق التي أمرنا بها ولون من ألوان الدعوة إلى الله عز وجل بالحكمة والموعظة الحسنة عملاً لا قولاً، أما إذا تضمنت التهنئة مخالفة دينية فهنا تكون ممنوعة من أجل هذه المخالفة، كأن يقول له مثلاً: “بارك الله لك في أهلك ومالك” مثلاً، فهذا دعاء بالبركة لغير المسلم وذلك لا يجوز، وإنما يقول له مثلا: “أعاد الله عليك التوفيق والهداية” أو ما إلى ذلك
وإذا تضمنت التهنئة تقديم هدية فهذا جائز أيضًا، بشرط أن تكون حلالاً، فلا يقدم له زجاجة من الخمر مثلاً أو صورًا عارية؛ بحجة أنه ليس مسلمًا.. فالمسلم لا ينبغي أن يشترك في تقديم شيء محرم في ديننا
وإذا ذهب إليه في بيته أو في كنيسته فلا يحل له أن يجلس تحت الأشياء المخالفة لديننا كالتماثيل أو الصلبان، أو الاختلاط بالنساء العاريات، وغير ذلك من ضروب المحرمات التي تقترن بمواضع وأماكن غير المسلمين
وننبه إلى أن التهاني لا ينبغي أن تكون باستعمال آيات قرآنية في بطاقة أو في غيرها؛ لأن غير المسلمين لا يدركون قداسة هذه النصوص، وبالتالي يضعونها في القمامة، يدوسونها بالأقدام بقصد أو بغير قصد؛ فينبغي على المسلم أن ينزِّه نصوص دينه عن كل امتهان.
العلامة الدكتور يوسف عبد الله القرضاوي
،بسم الله، والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:أجازت الشريعة الإسلامية معاملة أهل الكتاب، فأباحت أكل ذبائحهم (الجائز أكلها في شريعتنا) وأجازت نكاح نسائهم، والبيع والشراء لهم ، وكذلك القسط والبر والإحسان إليهم ما داموا غير محاربين، ولذلك لا مانع من تهنئتهم بأعيادهم دون أن نشاركهم في الاحتفالات التي لا تقرها شريعتنا 
يقول فضيلة الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي :إذا أردنا أن نجمل تعليمات الإسلام في معاملة المخالفين له – في ضوء ما يحل وما يحرم- فحسبنا آيتان من كتاب الله، جديرتان أن تكونا دستورا جامعا في هذا الشأن. وهما قوله تعالى: “لاَ يَنْهَاكُمُ اللهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ * إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَن تَوَلَّوْهُمْ وَمَن يَتَوَلَّهُمْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ” (الممتحنة
فالآية الأولى لم ترغب في العدل والإقساط فحسب إلى غير المسلمين الذين لم يقاتلوا المسلمين في الدين، ولم يخرجوهم من ديارهم -أي أولئك الذين لا حرب ولا عداوة بينهم وبين المسلمين- بل رغبت الآية في برهم والإحسان إليهم. والبر كلمة جامعة لمعاني الخير والتوسع فيه، فهو أمر فوق العدل. وهي الكلمة التي يعبر بها المسلمون عن أوجب الحقوق البشرية عليهم، وذلك هو (بر) الوالدين.
وإنما قلنا: إن الآية رغبت في ذلك لقوله تعالى: “إن الله يحب المقسطين” والمؤمن يسعى دائما إلى تحقيق ما يحبه الله. ولا ينفي معنى الترغيب والطلب في الآية أنها جاءت بلفظ “لا ينهاكم الله” فهذا التعبير قُصد به نفي ما كان عالقا بالأذهان -وما يزال- أن المخالف في الدين لا يستحق برا ولا قسطا، ولا مودة ولا حسن عشرة. فبين الله تعالى أنه لا ينْهَى المؤمنين عن ذلك مع كل المخالفين لهم، بل مع المحاربين لهم، العادين عليهم.
ويشبه هذا التعبير قوله تعالى في شأن الصفا والمروة -لما تحرج بعض الناس من الطواف بهما لبعض ملابسات كانت في الجاهلية-: “فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِ أَن يَطَّوَّفَ بِهِمَا” (البقرة: 158) فنفى الجناح لإزالة ذلك الوهم، وإن كان الطواف بهما واجبا، من شعائر الحج.
نظرة خاصة لأهل الكتاب
وإذا كان الإسلام لا ينهى عن البر والإقساط إلى مخالفيه من أي دين، ولو كانوا وثنين مشركين -كمشركي العرب الذين نزلت في شأنهم الآيتان السالفتان- فإن الإسلام ينظر نظرة خاصة لأهل الكتاب من اليهود والنصارىسواء أكانوا في دار الإسلام أم خارجها.فالقرآن لا يناديهم إلا بـ (يا أهل الكتاب) و(يا أيها الذين أوتوا الكتاب) يشير بهذا إلى أنهم في الأصل أهل دين سماوي، فبينهم وبين المسلمين رحم وقربى، تتمثل في أصول الدين الواحد الذي بعث الله به أنبياءه جميعا: “شَرَعَ لَكُم مِّنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلاَ تَتَفَرَّقُوا فِيهِ” (الشورى: 13).
والمسلمون مطالبون بالإيمان بكتب الله قاطبة، ورسل الله جميعا، لا يتحقق إيمانهم إلا بهذا: “قُولُوا آمَنَّا بِاللهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِن رَّبِّهِمْ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ” (البقرة: 136).
وأهل الكتاب إذا قرؤوا القرآن يجدون الثناء على كتبهم ورسلهم وأنبيائهم. وإذا جادل المسلمون أهل الكتاب فليتجنبوا المراء الذي يوغر الصدور، ويثير العداوات: “وَلاَ تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلاَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ وَقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَأُنزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَهُنَا وَإِلَهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ” (العنكبوت: 46).
وقد رأينا كيف أباح الإسلام مؤاكلة أهل الكتاب وتناول ذبائحهم. كما أباح مصاهرتهم والتزوج من نسائهم مع ما في الزواج من سكن ومودة ورحمة. وفي هذا قال تعالى: “وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَّكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَّهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ” (المائدة: 5).
هذا في أهل الكتاب عامة. أما النصارى منهم خاصة، فقد وضعهم القرآن موضعا قريبا من قلوب المسلمين فقال: “وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُم مَّوَدَّةً لِّلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ” (سورة المائدة: 82).
أهل الذمة
وهذه الوصايا المذكورة تشمل جميع أهل الكتاب حيث كانوا، غير أن المقيمين في ظل دولة الإسلام منهم لهم وضع خاص، وهم الذين يسمون في اصطلاح المسلمين باسم (أهل الذمة) والذمة معناها: العهد. وهي كلمة توحي بأن لهم عهد الله وعهد رسوله وعهد جماعة المسلمين أن يعيشوا في ظل الإسلام آمنين مطمئنين.
وهؤلاء بالتعبير الحديث (مواطنون) في الدولة الإسلامية، أجمع المسلمون منذ العصر الأول إلى اليوم أن لهم ما للمسلمين وعليهم ما عليهم، إلا ما هو من شؤون الدين والعقيدة، فإن الإسلام يتركهم وما يدينون.
وقد شدد النبي -صلى الله عليه وسلم- الوصية بأهل الذمة وتوعد كل مخالف لهذه الوصايا بسخط الله وعذابه، فجاء في أحاديثه الكريمة: “من آذى ذميا فقد آذاني ومن آذاني فقد آذى الله”.”من آذى ذميا فأنا خصمه ومن كنت خصمه، خصمته يوم القيامة”.”من ظلم معاهدا، أو انتقصه حقا، أو كلفه فوق طاقته، أو أخذ منه شيئا بغير طيب نفس منه، فأنا حجيجه يوم القيامة“.
وقد جرى خلفاء الرسول -صلى الله عليه وسلم- على رعاية هذه الحقوق والحرمات لهؤلاء المواطنين من غير المسلمين. وأكد فقهاء الإسلام على اختلاف مذاهبهم هذه الحقوق والحرمات.قال الفقيه المالكي شهاب الدين القرافي: “إن عقد الذمة يوجب حقوقا علينا؛ لأنهم في جوارنا وفي خفارتنا وذمتنا وذمة الله تعالى، وذمة رسوله صلى الله عليه وسلم ودين الإسلام فمن اعتدى عليهم ولو بكلمة سوء، أو غيبة في عرض أحدهم، أو أي نوع من أنواع الأذية أو أعان على ذلك، فقد ضيع ذمة الله وذمة رسوله صلى الله عليه وسلم وذمة دين الإسلام“.
وقال ابن حزم الفقيه الظاهري: “إن من كان في الذمة وجاء أهل الحرب إلى بلادنا يقصدونه، وجب علينا أن نخرج لقتالهم بالكراع والسلاح ونموت دون ذلك صونا لمن هو في ذمة الله تعالى وذمة رسوله صلى الله عليه وسلم فإن تسليمه دون ذلك إهمال لعقد الذمة“.
موالاة غير المسلمين ومعناها
ولعل سؤالا يجول في بعض الخواطر، أو يتردد على بعض الألسنة، وهو:كيف يتحقق البر والمودة وحسن العشرة مع غير المسلمين، والقرآن نفسه ينهى عن موادة الكفار واتخاذهم أولياء وحلفاء في مثل قوله: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ * فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَن تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ” (المائدة:51،52).
والجواب: إن هذه الآيات ليست على إطلاقها، ولا تشمل كل يهودي أو نصراني أو كافر. ولو فهمت هكذا لناقضت الآيات والنصوص الأخرى، التي شرعت موادة أهل الخير والمعروف من أي دين كانوا، والتي أباحت مصاهرة أهل الكتاب، واتخاذ زوجة كتابية مع قوله تعالى في الزوجية وآثارها: “وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً” (الروم:21). وقال تعالى في النصارى: “وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُم مَّوَدَّةً لِّلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى” (المائدة: 82).
إنما جاءت تلك الآيات في قوم معادين للإسلام، محاربين للمسلمين، فلا يحل للمسلم حينذاك مناصرتهم ومظاهرتهم -وهو معنى الموالاة- واتخاذهم بطانة يفضي إليهم بالأسرار، وحلفاء يتقرب إليهم على حساب جماعته وملته؛ وقد وضحت ذلك آيات أخر كقوله تعالى: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِّن دُونِكُمْ لاَ يَأْلُونَكُمْ خَبَالاً وَدُّوا مَا عَنِتِّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الآَيَاتِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ * هَا أَنْتُمْ أُولاءِ تُحِبُّونَهُمْ وَلاَ يُحِبُّونَكُمْ وَتُؤْمِنُونَ بِالْكِتَابِ كُلِّهِ وَإِذَا لَقُوكُمْ قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا عَضُّوا عَلَيْكُمُ الأنَامِلَ مِنَ الْغَيْظِ قُلْ مُوتُوا بِغَيْظِكُمْ إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ” (آل عمران: 118،119).
فهذه الآية تبين لنا صفات هؤلاء، وأنهم يكنون العداوة والكراهية للمسلمين في قلوبهم، وقد فاضت آثارها على ألسنتهم.وقال تعالى: “لاَ تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآَخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ” (المجادلة: 22). ومحادَّة الله ورسوله ليست مجرد الكفر، وإنما هي مناصبة العداء للإسلام والمسلمين.
وقال تعالى: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُم مِّنَ الْحَقِّ يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ أَن تُؤْمِنُوا بِاللهِ رَبِّكُمْ” (الممتحنة: 1).
فهذه الآية نزلت في موالاة مشركي مكة الذي حاربوا الله ورسوله، وأخرجوا المسلمين من ديارهم بغير حق إلى أن يقولوا: ربنا الله. فمثل هؤلاء هم الذين لا تجوز موالاتهم بحال. ومع هذا فالقرآن لم يقطع الرجاء في مصافاة هؤلاء، ولم يعلن اليأس البات منهم، بل أطمع المؤمنين في تغير الأحوال وصفاء النفوس، فقال في السورة نفسها بعد آيات: “عَسَى اللهُ أَن يَجْعَلَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ الَّذِينَ عَادَيْتُم مِّنْهُم مَّوَدَّةً وَاللهُ قَدِيرٌ وَاللهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ” (الممتحنة:7).وهذا التنبيه من القرآن الكريم كفيل أن يكفكف من حدة الخصومة وصرامة العداوة، كما جاء في الحديث: “أبغض عدوك هونا ما، عسى أن يكون حبيبك يوما ما“.
وتتأكد حرمة الموالاة للأعداء إذا كانوا أقوياء، يرجون ويخشون، فيسعى إلى موالاتهم المنافقون ومرضى القلوب، يتخذون عندهم يدا، يرجون أن تنفعهم غدا. كما قال تعالى: “فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَن تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ فَعَسَى اللهُ أَن يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِّنْ عِنْدِهِ فَيُصْبِحُوا عَلَى مَا أَسَرُّوا فِي أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ” (المائدة: 52). “بَشِّرِ الْمُنَافِقِينَ بِأَنَّ لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا * الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَيَبْتَغُونَ عِنْدَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ العِزَّةَ للهِ جَمِيعًا” (النساء: 138،139).
استعانة المسلم بغير المسلم
ولا بأس أن يستعين المسلمون -حكاما ورعية- بغير المسلمين في الأمور الفنية التي لا تتصل بالدين من طب وصناعة وزراعة وغيرها، وإن كان الأجدر بالمسلمين أن يكتفوا في كل ذلك اكتفاء ذاتيا.وقد رأينا في السيرة النبوية كيف استأجر رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد الله بن أريقط -وهو مشرك- ليكون دليلا له في الهجرة. قال العلماء: ولا يلزم من كونه كافرا ألا يوثق به في شيء أصلا؛ فإنه لا شيء أخطر من الدلالة في الطريق ولا سيما في مثل طريق الهجرة إلى المدينة.
وأكثر من هذا أنهم جوزوا لإمام المسلمين أن يستعين بغير المسلمين بخاصة أهل الكتاب- في الشؤون الحربية، وأن يسهم لهم من الغنائم كالمسلمين.روى الزهري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم استعان بناس من اليهود في حربه فأسهم لهم، وأن صفوان بن أمية خرج مع النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة حنين وكان لا يزال على شركه.
ويشترط أن يكون من يستعان به حسن الرأي في المسلمين، فإن كان غير مأمون عليهم لم تجز الاستعانة به؛ لأننا إذا منعنا الاستعانة بمن لا يؤمن من المسلمين مثل المخذل والمرجف فالكافر أولى.ويجوز للمسلم أن يهدي إلى غير المسلم، وأن يقبل الهدية منه، ويكافئ عليها، كما ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم أهدى إليه الملوك فقبل منهموكانوا غير مسلمين.
قال حفاظ الحديث: والأحاديث في قبوله صلى الله عليه وسلم هدايا الكفار كثيرة جدا فعن أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لها: “إني قد أهديت إلى النجاشي حلة وأواقي من حرير“.إن الإسلام يحترم الإنسان من حيث هو إنسان فكيف إذا كان من أهل الكتاب؟ وكيف إذا كان معاهدا أو ذميا؟ 
مرت جنازة على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقام لها واقفا، فقيل له: “يا رسول الله إنها جنازة يهودي؟! فقال: أليست نفسا”؟! بلى، وكل نفس في الإسلام لها حرمة ومكان.
ويقول في تهنئة اليهود والنصارى في أعيادهم:هذه حقوق مشتركة، فإذا كان الكتابي يأتي ويهنئك ويعيد عليك في عيدك ويشارك في أتراحك ومصيبتك فيعزيك بها، فما المانع من أن تهنئه بعيده وفي أفراحه وتعزيته في مصيبته؟ الله سبحانه يقول: “وإِذَا حُيِّيتُم بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا” (النساء: 86)، وهذا لا يعني أن نحتفل معهم، إنما نهنئ فقط، وهذا من البر والقسط الذي جاء به هذا الدين.والله أعلم.
ويقول الأستاذ الدكتور محمد السيد دسوقي -أستاذ الشريعة بجامعة قطر-:
الجار في الإسلام له حقوق، سواء كان مسلما أم غير مسلم، فإذا كان مسلما وله بجاره قرابة أصبح له ثلاثة حقوق: حق القرابة، والإسلام، والجوار. أما إذا كان مسلما ولم يكن بينهما قرابة؛ فله حقان: حق الإسلام، وحق الجوار
فإذا كان هذا الجار غير مسلم فله حق واحد وهو حق الجوار، وهذا الحق حق مقدس نبه عليه الرسول صلى الله عليه وسلم في قوله: “ما زال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه” أي يجعله جزءا من الأسرة، فهذا الجار المسيحي يحض الإسلام على الإحسان إليه وحسن معاملته والله يقول: “لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين”. ومن البر بهم مجاملتهم في أعيادهم، ويجوز مشاركتهم فيها ما دام لا يُرتكب فيها أي محرم. وهذا السلوك الإسلامي قد يكون عاملا من عوامل هداية هؤلاء، وقد انتشر الإسلام في بلاد كثيرة لم تدخلها الجيوش، وإنما كان الخلق الإسلامي الذي مثله الرحالة والمهاجرون والتجار من عوامل نشر الإسلام في أمم ما زالت تحتفظ به حتى الآن في دول جنوب شرق آسيا.
والله أعلم
فيقول فضيلة الشيخ الدكتور مصطفى الزرقا ـ رحمه الله ـ
إنّ تهنئةَ الشّخص المُسلِم لمعارِفه النّصارَى بعيدِ ميلاد المَسيح ـ عليه الصّلاة والسلام ـ هي في نظري من قَبيل المُجاملة لهم والمحاسَنة في معاشرتهم. وإن الإسلام لا ينهانا عن مثل هذه المجاملة أو المحاسَنة لهم، ولا سيّما أنّ السيد المَسيح هو في عقيدتنا الإسلاميّة من رسل الله العِظام أولي العزم، فهو مُعظَّم عندنا أيضًا، لكنهم يُغالُون فيه فيعتقدونَه إلهًا، تعالى الله عما يقولون عُلُوًّا كبيرًا.
ومن يتوهَّم أنّ هذه المُعايَدةَ لهم في يوم ميلاده ـ عليه السلام ـ حَرام؛ لأنّها ذات عَلاقة بعقيدتِهم في ألوهيّته فهو مُخطئ، فليس في هذه المجامَلة أي صِلة بتفاصيلِ عقيدتِهم فيه وغُلُوِّهم فيها .
وقد نُقل أن نبيَّنا محمّدًا ـ صلّى الله عليه وسلم ـ مرّت به وهو بين أصحابه جنازة يهوديّ فقامَ لها فهذا القيامُ قد كان تعبيرًا عمّا للموت من هيبة وجلال، ولا عَلاقة له بعقيدة صاحب الجنازة .
والمسلِم مطلوب منه أن يُظهِرَ محاسِنَ الإسلامِ واعتدالَه لغير المسلمين، ولا يُجبِرهم إذا كانوا من رعاياه وأهل ذِمّته على اعتناق الإسلام، بل يتسامَح معهم ويترُكهم على ما يُدينون به .
أضفْ إلى ذلك حال المسلمين اليوم من الضَّعف بين دول العالم، وتآمُر الدول الكبرى عليهم واتِّهامِهم بأنّهم إرهابيّون ومتعصِّبون لا يُطْمَأن إليهم إلى آخر المعزوفة… وحاجة المُسلمين اليوم إلى تغيير الصورة القاتمة عنهم التي يصوِّرهم بها العالَم الأجنبيّ .
ولا سيِّما أن المسلمَ قد يأتيه في عيده (الفطر والأضحى) معارِفُ له من النّصارى يُهنِّئونه فيه. فإذا لم يَرد لهم الزيارة في عيد الميلاد، كان ذلك مؤيِّدًا لِما يتَّهَم به المسلمون من الجَفوة، وعدم استعدادهم للائتلاف مع غيرهم، والمُحاسَنة في التّعامُل .
وما يقال عن التهنئة بعيد الميلاد يقال عن رأس السنة المِيلادية بطريق الأولويّة، لأن رأس السنة الميلاديّة لا صلة لها بالعقيدةِ، وإنّما هو مجرّد بداية التاريخ .
وقد كان الصّحابة الكرام حين جمعهم سيدنا عمر ـ رضي الله عنه ـ للمذاكَرة في تعيِين حَدَث يكون مبدأً لحِساب السِّنين (التاريخ) طَرحوا فيما طَرحوا من آراء أن يُعتَمَدَ تاريخ الرومِ، أو تاريخ اليهودِ، فلو كان هذا حرامًا لما عَرَضوه .
وإذا عرَفنا الرأي الشرعي في التهنئة يُعرَف حكم طباعة البِطاقات والمُتاجَرة بها؛ لأن ما كان من وسائل المُباح فهو مباح.
لكن هنا نقطة توقُّف مُهِمٍّ يجب الانتباه إليها؛ فإذا كانت تهنئة المسلِم للنّصارى في ذلك مُباحة فيما يظهر لأنّها من قبيل المجاملة والمحاسَنة في التّعامُل، فإن الاحتفال برأس السنة الميلاديّة وما يجري فيه من منكَرات هو أمر آخر فيه تقليد واتباع من المسلمين لغيرِهم في عادات وابتهاج ومنكَرات يجعلُها من قَبيل الحَرام
فيقول فضيلة الشيخ محمد رشيد رضا-رحمه الله-:
ثبت في الحديث الصحيح عند أحمد والبخاري وغيرهما أن النبي صلى الله عليه وسلم عاد غلامًا يهوديًّا كان يخدمه قبل مرضه وقد استكبر الغلام ، وأبوه الفقير هذه العناية ، ودعا النبي الغلام إلى الإسلام فقال له أبوه : أطع أبا القاسم ، فأسلم ، والحديث يدل على مشروعية الابتداء بالزيارة .
قال الماوردي : (عيادة الذمي جائزة والقربة موقوفة على نوع حرمة تقترن بها من جوار أو قرابة ) – أي : إن العيادة في المرض ومثلها الزيارة جائزة ، ولكنها لا تكون عبادة يتقرب بها إلى الله إلا إذا اقترن بها شيء مما هو مطلوب في الشرع كحرمة الجوار والقرابة – وحسبك أن تكون الزيارة في العيد وغيره مباحة .
على أن القواعد الإسلامية ترشدنا إلى أن حسن النية في الأعمال المباحة تلحقها بالعبادات .
هذا وأنت تعرف الفرق بين الذمي الداخل في حكمنا وبين من نحن داخلون في حكمهم , فإذا صح لنا أن نجامل من نحكمهم عملاً بمكارم الأخلاق التي هي أساس ديننا ، أفلا يصح لنا أن نجامل من يحكموننا من غيرنا ، ونحن أحوج إلى مجاملتهم ؛ لأجل مصالحنا ، كما أننا نرى أنفسنا أحق منهم بمكارم الأخلاق ؟
وكأني بمتعصب يقول : قال ابن بطال : ( إنما تشرع عيادة المشرك إذا رجي  أن يجيب إلى الإسلام ) .
وأقول أولاً : إن كلامه في العيادة المشروعة ؛ أي : المطلوبة شرعًا ، ونحن نتكلم في العادات المباحة ، وثانيًا : إن الحديث السابق لا يدل على الاشتراط ، وقد أورد الحافظ ابن حجر كلامه في شرح البخاري ثم قال : ( والذي يظهر أن ذلك يختلف باختلاف المقاصد ، فقد يقع بعيادته مصلحة أخرى ) ، وظاهر أن مصالح أهل الوطن الواحد مرتبطة بمحاسنة أهل بعضهم بعضًا ، وأن الذي يسيء معاملة الناس يمقته الناس فتفوته جميع المصالح ، لا سيما إذا كان ضعيفًا وهم أقوياء ، وإذا أسند سوء المعاملة إلى الدين ، يكون ذلك أكبر مطعن في الدين ؛ فلك أيها السائل ولغيرك من المسلمين أن تزوروا النصارى في أعيادهم ، وتعاملوهم بمكارم الأخلاق أحسن مما يعاملونكم ، ولا تعدوا هذا من باب الضرورة ؛ فإنه مطلوب لذاته مع حسن النية واتقاء مشاركتهم في المحرمات كشرب الخمر مثلاً .
يقول الدكتور الشيخ : أحمد الشرباصي الأستاذ بجامعة الأزهر رحمه الله:
إن عيسى بنَ مريم عليه وعلى نبينا ـ الصلاة والسلام ـ هو عبد الله ونبيه ورسوله، وقد أثنى الله ـ تبارك وتعالى ـ على نبيه عيسى في مواطن القرآن الكريم، وحسبنا أن نجد كتاب الله ـ سبحانه ـ يقول على لسان المسيح عيسى ابن مريم في سورة مريم: (قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَمَا كُنْتُ وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا وَبَرًّا بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا شَقِيًّا وَالسَّلَامُ عَلَيَّ يَوْمُ وُلِدتُ وَيَوْمَ أَمُوتَ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا. ذَلِكَ عِيسَى ابنُ مَرْيَمَ قَوْلَ الْحَقِّ الَّذِي فِيهِ يَمْتَرُونَ) (الآيات:30 ـ 34).
وإذا كان أتباع المسيح ـ عليه الصلاة والسلام ـ قد اصطنعوا لأنفسهم موعدًا سنويًّا جعلوه ذكرى لميلاد المسيح، وكان بين المسلم وبين بعض هؤلاء جوار له حقوق، أو شركة في عمل، أو زمالة في وظيفة، وقد جرى العُرف بأن يتبادل الطرفان المجاملة في الأعياد أو المواسم، أو المناسبات الأخرى فإن الإسلام ـ السمح الكريم ـ لا يقف حائلًا دون أداء هذه المجاملات، بشرط أن لا تكون على حساب العقيدة والدين، وبشرط أن لا يرتكب المسلم في مثل هذه المجاملة، ما يحرمه عليه الدين أو ينفره منه، وبشرط أن لا تكون هناك منكرات ترتكب، مثل شرب الخمر أو تناول المسكر أو المخدر، أو نحو ذلك.
ولنتذكر أن الحق ـ جل جلاله ـ يقول في القرآن الكريم: (وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكٌمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ) (المائدة:5). وهذا يستتبع تبادل الزيارة والدعوة إلى الطعام وما أشبه ذلك.
والله أعلم.
Q: Every year MAS and MAS members greet other non-muslim organizations on their festive occasions. Greeting non-muslims at their celebrations is considered haram because this is an approval for their religion as many scholars have shown.
A: These are a collection of fatwas regarding this matter which shows greeting non muslims on their religious celebrations is not prohibited in islam but there are guidelines regarding this greeting.
All these scholars have allowed greetings non muslims on their religious occasions:
· The European Council for Fatwa and Research
· Dr. Yousef Al qaradawi – head of Muslim Scholars Union
· Dr. Fath allah abd assattar saeed – prof of quran sciences and interpretation at al azhar
· Dr. Abdullah bin bayya – VP of Muslim Scholars Union
· Shaikh mohammad mokhtar al shinqiti – previous Director of the Islamic Center of South Plains,Lubbock, Texas
· Dr. Mohammad Sayyed Dusooqy – prof of sharia at Qatar university
· The late Shaikh Dr. Mustafa Azzarqa
· Shaikh Mohammad Rasheed Rida
· Shaikh Ahmad al Sharbasi
The European Council for Fatwa and Research issued the following fatwa:
There can be no doubt as to the importance and the sensitivity of this issue, specially to Muslims residing in the West. The Council has received numerous questions and queries from those who live in these countries and interact with the non-Muslims. Indeed, between the Muslims and the non-Muslims are strong and integral links stipulated and deemed necessary by the means and manner of life itself, such as neighborly relations, friendship at work or study. In fact, a Muslim may actually feel indebted toward a non-Muslim in particular circumstances, such as toward a hardworking and selfless supervisor or lecturer, a sincere and skillful doctor, and others. A famous Arab said that one is enslaved by others’ favors.
Thus, what is the position of the Muslim to such people who are non-Muslims, who do not actually hold any animosity towards Muslims, do not fight them due to their religion, and did not actively seek to expel Muslims from their homes and lands?
The Holy Qur’an stipulates regulations as to how relationships between Muslim and non-Muslim are to be governed and carried out in Surat Al-Mumtahinah, which was essentially revealed to address the pagan polytheists. Allah Almighty says: (Allah does not forbid you to deal justly and kindly with those who fought not against you on account of religion and did not drive you out of your homes. Verily, Allah loves those who deal with equity. It is only as regards those who fought against you on account of religion, and have driven you out of your homes, and helped to drive you out, that Allah forbids you to befriend them. And whosoever will befriend them, then such are the wrong-doers.) (Al-Mumtahinah 60: 8-99)
Thus the verse stipulates that there is a clear difference between those who fight Muslims and treat them as enemies, and those who interact and deal with Muslims in peace. We are commanded to treat the latter well and in a just and beautiful manner, not merely give them what is duly theirs by right and to take from them what is duly ours. Indeed, the command is to treat them beyond that and to deal with them in beautiful and ideal ways.
As for the other group — to whom the verse clearly forbids any allegiance or support offered in their favor — they are those who chose to become enemies of Islam and Muslims and worked actively to expel them from their homes and lands for no reason other than that they proclaim that Allah Almighty is their Lord, as did the Quraysh and the infidels ofMakkah to the Prophet Muhammad (peace and blessings be upon him) and his Companionss.
Al-Bukhari and Muslim both reported on the authority of Asma’ bint Abi Bakr (may Allah be pleased with her), that she came to Prophet Muhammad (peace and blessings be upon him) and said: “O Messenger of Allah! My mother, who is a mushrik (a polytheist), has come to visit me and she desires to be close to me and to give me gifts. Shall I greet her and treat her well?” The Prophet (peace and blessings be upon him) stated: “Greet your mother and treat her well.”
This, while the woman was a mushrik, and the Qur’an clearly states that the People of the Scripture (Jews and Christians) are far closer to Islam and Muslims than mushriks. Indeed, the Qur’an gives allowance to eat from the food of the People of the Scripture and to marry them. Allah Almighty says: (…The food of the People of the Scripture is lawful to you and your is lawful to them, lawful to you in marriage are chaste women from the believers and haste women from those who were given the scripture before your time…) (Al-Ma’idah 5: 5)
Also, if marriage is permissible with them, then it goes without saying that marriage implicitly and necessarily decrees love and closeness. Allah Almighty states: (And amongst His signs is this, that He created for you wives from among yourselves, that you may find repose in them, and He has put between you affection and mercy…) (Ar-Rum 30: 21) Indeed, how can a man despise his wife, who is ultimately his partner in life, his spouse, the mother of his children? Almighty Allah says: (…they are body cover for you and you are the same for them…) (Al-Baqarah 2: 1877)
Moreover, an important consequence and result of marriage is the coming together of two families to form blood bonds and relationships, a natural human form of relating to one another. Allah says: (And it is He Who has created man from water, and has appointed for him kindred by blood, and kindred by marriage…) (Al-Furqan 25: 544)
Also, there are the feelings and affections of maternity, and the clearly stipulated and emphasized rights of a mother upon her children in Islam. One asks in this context: is it an acceptable act according to these stipulations that one does not greet or congratulate his or her non-Muslim mother on a day of festivity that she celebrates? What about relatives from the mother’s side, such as grandparents, uncles, aunts and cousins? All those have rights upon a Muslim clearly stated in the Holy Qur’an, where Allah states: (But kindred by blood are nearer to one another regarding to inheritance in the decree ordained by Allah…) (Al-Anfal 8: 76), and also: (Verily, Allah enjoins justice and perfect mannerisms and giving to kith and kin…) (An-Nahl 16: 911)
Thus, if maternity and blood relation rights are obligatory upon a Muslim, in a way that exemplifies the beautiful manners of Islam and Muslims, it is also obligatory upon a Muslim to pay the due rights that work towards showing Muslims as people of beautiful character. The Prophet (peace and blessings be upon him) advised Abu Dharr (may Allah be pleased with him) saying: “Be aware of Allah wherever you are, and follow up a sin that you have committed with a good deed, so that sin may be erased, and treat people with beautiful manners.” (Reported by Ahmad, At-Tirmidhi, Ad-Darmi, and Al-Hakim) As is evident, the emphasis is upon “…and treat people with beautiful manners” not “…treat Muslims”.
The Prophet (peace and blessings be upon him) also strongly advised us to deal with non-Muslims in a mild and gentle manner, not using stern and terrorizing methods. It was reported that when a group of Jews approached the Prophet (peace and blessings be upon him) and greeted him with twisted pronunciation, and thus uttered “Assam`alaykum, O Muhammad!” (meaning “death and destruction come upon you”) instead of “as-salamu `alaykum”, `A’ishah (may Allah be pleased with her) heard them and responded by saying, assamu `alaykum also and the curse and wrath of Allah!” The Prophet (peace and blessings be upon him) rebuked `A’ishah for what she had said. She told him, “Did you not hear what they said?” He said, “I did, and I responded by saying, ‘And upon you,’” (i.e., that death will come upon you as it will come upon me.) He went on to say, “O `A’ishah! Allah loves gentleness in all matters.” (Reported by Al-Bukhari and Muslimm)
Indeed the permissibility of congratulating non-Muslims on their festive days becomes more of an obligation if they offer their greetings on Islamic festive occasions, as we are commanded to return good treatment with similar treatment, and to return the greeting with a better one or at least with the same greeting. Allah Almighty says: “When you are greeted with a greeting, greet in return with what is better than it, or at least return it equally…” (An-Nisa‘ 4: 86)
A Muslim must never be less charitable or pleasant or indeed of lesser manners than any other, as the Prophet (peace and blessings be upon him) stated in the hadith“The most perfect believers in terms of their iman are those who possess the most beautiful manners.” (Reported by Ahmad, At-Tirmidhi, Ad-Darmi, and Abu Dawud), and he (peace and blessings be upon him) also stated: “Verily I have been but sent to perfect the most noble of manners.” (Reported by Ahmad, Al-Bukhari in Al-AdabAl-Mufrad and Al-Bazzar in Kashful Astar)
The significance of this increases dramatically if we are interested in inviting them to Islam and making them like Muslims, which is an obligation upon us all, as this cannot be achieved by treating them roughly, sternly and violently, but rather by beautiful manners and sublime ethics. The Prophet (peace and blessings be upon him) dealt with the polytheists of Quraysh in the most beautiful of ways and manners throughout his life in Makkah despite their animosity, persecution, oppression and extreme insult of him (peace and blessings be upon him) and his companions. This was epitomized by the fact that due to the incredible trust they had in him, they deposited their wealth and possessions with him, in fear that they may be lost or stolen. When the Prophet fled Makkah to Madinah, he left behind `Ali (may Allah be pleased with him), whom he commanded to return the deposits and trusts that were with him (peace and blessings be upon him).
Thus, there is nothing to prevent a Muslim or an Islamic center from congratulating non-Muslims, either verbally or by sending a card that contains no symbols or icons of religious implications that may contradict Islamic faith and principles, such as a cross, for the concept of the crucifixion is totally outlawed and denied by Islam. Allah states in the Holy Qur’an: (…but they killed him not, nor crucified him, but the resemblance of Jesus was put over another man…) (An-Nisa‘ 4: 156)
Indeed, one finds in the customary words of congratulations nothing that carries any explicit or implicit recognition of any aspects of their faith or belief, nor any condoning thereof.
There is also no objection to accepting gifts and presents from them, and to return their gifts in kind, on condition that these gifts are not unlawful in themselves, such as being alcohol or pork. The Prophet (peace and blessings be upon him) accepted the gift of the King of Egypt and several others (See: At-Tahawi’s Sharh Mushkil Al-Athar).
We also wish to mention that some jurists, such as Ibn Taymiyah and his student the great scholar Ibn-ul-Qayyim, adopted stringent measures and restricted the permissibility of this issue and the participation of Muslims in the celebrations of non-Muslims. We adopt this same stance, advising Muslims not to celebrate the festivities of non-Muslims, whether mushriks or People of the Scripture, as we find some ignorant Muslims celebrating Christmas as they would normally celebrate `Eid Al-Fitr and Al-Adha, and maybe even more so. This is unlawful, as we Muslims have our unique festivities. But we see no objection to congratulating others on their festivities if there is some relationship or fellowship link that deems positive social interaction and beautiful exchange a must according to our sublime and noble Islamic Shari`ah.
As for patriotic or national celebrations and festivities, such as Independence Day, Union Day, Mother’s Day, Childhood Day and the such, there is no objection whatsoever to a Muslim congratulating others in those regards, and indeed to participate therein as a citizen of those lands, while observing Islamic manners and controls in all matters.
Dr. Mostafa Az-Zarqa (may Allah be merciful to him) stated in this regard:
When Muslims greet their Christian acquaintances for Christmas, in my opinion, it is by way of compliment and keeping good relations with them. It is not prohibited in Islam to make these acts of compliment and friendliness, especially because Christ is one of the great Messengers of Allah according to our Islamic creed. Thus, he is revered in our religion too, but the Christians exaggerate in revering him and believe that he is Allah, Glorified is He and Exalted above what they say.
Whoever thinks that wishing Christians a merry Christmas is unlawful because it has to do with their belief in Christ’s divinity is wrong, as there is no connection between this compliment and the details of their creed and their excessiveness in it.
Once a funeral procession of a Jew passed by our Prophet Muhammad (peace and blessings be upon him) while he was sitting with his Companions, so he stood up by way of expressing the solemnity of death, and this has nothing to do with the dead person’s belief.
It is required of Muslims to show the merits and moderation of Islam to non-Muslims, and Muslims are not allowed to force non-Muslims to embrace Islam, even if they are living in a Muslim state. Muslims should be tolerant and leave non-Muslims embracing whatever religion they like.
In addition, Muslims today are suffering from a state of weakness among other countries of the world, and major countries plot against them and accuse them of being terrorists and fanatics who cannot be trusted. Therefore, Muslims now need to change this dark image.
Muslims may be visited and greeted by Christian acquaintances in the Muslim feasts, and when the Muslims do not visit the Christians back in Christmas, this will confirm the idea that Muslims are harsh and unwilling to harmonize with others or treat others nicely.
What is said regarding greeting for Christmas applies for New Year’s Day a fortiori, because the latter is not related to belief; it is just the beginning of the calendar.
When `Umar (may Allah be pleased with him) gathered the honorable Companions to decide on an event to be the start point of calculating the Muslim calendar, some proposed following the Roman Calendar or the Jewish Calendar. If that were unlawful, it would not have been proposed.
As long as greeting for Christmas and the New Year’s Day is lawful, printing [non-religious] greeting cards and selling them are lawful too, because the means of the lawful are lawful also.
However, there is a point here that should be noted. Muslims may greet Christians for their feasts by way of compliment and nice behavior, but celebrating the new year in any way that is prohibited is another issue involving following non-Muslims in their traditions and unlawful ways of celebration, which is unlawful.
Sheikh Mohamed El-Moctar El-Shinqiti, Director of the Islamic Center of South Plains,Lubbock, Texas, states:
Most jurists that are specialized in fiqh of Muslim minorities and are aware of the cultures of western societies tend to agree that celebrating non-religious feasts, such as Independence Day and Labor Day, is not forbidden. However, most scholars forbid celebrating religious feasts, such as Christmas, while others, such as Sheikh Ahmad Kutty and Dr. Jamal Badawi, permit new converts to attend their family celebrations without participating in anything that is purely religious related to these celebrations.
It is difficult to categorize certain feasts like Thanksgiving and New Year as religious.
Generally speaking, we can say that it is forbidden for the Muslim to participate in any religious aspect of a celebration, except the Islamic celebrations of the two `Eids, and it is allowed to take part in the general, non-religious aspects of the celebrations of other feasts.
In this context it is important to note that congratulating non-Muslims on their religious or non-religious feasts and exchanging gifts on these occasions is part of the good relations that we are commanded to keep with them. It is also a practical example of the concept of ‘birr’ that Islam has emphasized when it comes to Muslim-non-Muslim relations. This is especially so if the non-Muslims congratulate and exchange gifts with us on our Islamic feasts.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق