الاثنين، 26 يوليو 2021

حكم ما يسمى الاغتصاب الزوجي !

 



💥حكم ما يسمى الاغتصاب الزوجي !
السؤال: شيخنا ظهر مؤخرا في مصر وانتشر في بعض الدول العربية مصطلح جديد يطلق عليه [ الاغتصاب الزوجي] ، فما هو؟ وما حكم الشرع فيه ؟ افيدونا جزاكم الله خيرا.
الجواب: الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين ، أما بعـد: 
👈فان مصطلح الاغتصاب الزوجي غربي وغير اسلامي، ويعرِّفونه : بانه الجماع الذي يتم بدون موافقة أحد الزوجين، وإن نقص الموافقة كافي ليتم اعتباره اغتصاب حتى لو لم يتم استخدام العنف، يُعتبر الاغتصاب الزوجي شكلاً من أشكال العنف المنزلي والاعتداء الجنسي، على حد زعمهم.
وقد جعل الله تعالى العلاقة الزوجية في الشريعة الاسلامية قائمة على المودة والعطف والسَّكِيْنة والرحمة بين كِلا الزوجين ليسكن كل منهما للآخر، ولتكون أواصر المحبة والرحمة والعطف بينهما قائمة ومتينة، قال تعالى: { وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَ‌حْمَةً  إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُ‌ونَ } [الروم :21].
 وكذلك قد امر تعالى الزوجين بحسن المعاشرة والصحبة والمعاملة، فقال: { وعاشروهن بالمعروف}. [النساء:19] . وقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – في سنن ابن ماجه : ((خِيَارُكُمْ خِيَارُكُمْ لِنِسَائِهِمْ)).
👈ومن حسن المعاشرة أن يكون اتصال الزوجين بينهما بالتراضي والاقناع وعدم الاكراه، فليس من المعاشرة بالمعروف أن يكرهها على حاجته إذا كانت لا تستطيع ذلك لسبب ما، فلا يجبرها على الجماع بالقوة، بل عليه أن يعظها ويخوفَها بالله تعالى، ويتوددَ لها بالكلمة الطيبة والمعاملةِ الحسنة، ولا يقع عليها كما تقع البيهمة وليكن بينهما مقدمات، وليس للزوجة أن تمنع نفسها من زوجها ، بل يجب عليها أن تلبي طلبه كلما دعاها ما لم يضرها أو يشغلها عن واجب او يكون لها سبب شرعي .
👈فمن حقوق الزوج على زوجته أن لا تمنعه حقَّه من الاستمتاع بها إلا فيما حرّم الشرع كالجماع في أيام الحيض أو النفاس او موضع الدبر كما هو معلوم في الشريعة، فلا يجوز للزوجة أن تصدَّ زوجها عن الاستمتاع بها وترفض رغبته في مقاربتها، فإن لم تستجب لزوجها في الاستمتاع بها بغير عذر شرعي فهي آثمة وتبات تلعنها الملائكة، ففي الصحيحين عن أبي هريرة -رضي الله عنه-  قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((إِذَا دَعَا الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ إِلَى فِرَاشِهِ، فَأَبَتْ أَنْ تَجِيءَ، لَعَنَتْهَا المَلاَئِكَةُ حَتَّى تُصْبِحَ)). وقوله في صحيح مسلم : ((والَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، مَا مِنْ رَجُلٍ يَدْعُو امْرَأَتَهُ إِلَى فِرَاشِهَا، فَتَأْبَى عَلَيْهِ، إِلَّا كَانَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ سَاخِطًا عَلَيْهَا حَتَّى يَرْضَى عَنْهَا)). 
 👈وهذا لو امتنعت الزوجة عن الجماع بدون سبب مقبول، أما لو كان هناك سبب شرعي فامتناعها حينئذ يكون مقبولا، لأن الوعيد في الحديث ليس على إطلاقه كما يتوهم بعضهم، بل هو مخصوص بمن لا عذر لها في ذلك. 
وقال ايضا -عليه الصلاة والسلام- في الحديث الصحيح في سنن الترمذي: ((إِذَا الرَّجُلُ دَعَا زَوْجَتَهُ لِحَاجَتِهِ فَلْتَأْتِهِ، وَإِنْ كَانَتْ عَلَى التَّنُّورِ)).
وأخرج الامام أحمد والحاكم في المستدرك وصححه عن عبد الله بن أبي أوفى- رضي الله عنه- ان رسول الله –صلى الله عليه وسلم-  قال: ((..وَلَا تُؤَدِّي الْمَرْأَةُ حَقَّ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ عَلَيْهَا كُلَّهُ، حَتَّى تُؤَدِّيَ حَقَّ زَوْجِهَا عَلَيْهَا كُلَّهُ، حَتَّى لَوْ سَأَلَهَا نَفْسَهَا وَهِيَ عَلَى ظَهْرِ قَتَبٍ لَأَعْطَتْهُ إِيَّاهُ)) القتب ما يوضع على ظهر البعير.
وروى ابن حبان في صحيحه واحمد في مسنده عن عبد الرحمن بِن عوف-رضي الله عنه- قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((إذا صلت المرأة خَمْسَها، وصامَت شهرها، وحَفظت فرجها، وأطاعت زوجَها، قيل لها: ادخلي الجنةَ من أيّ أبواب الجنة شئت)). اطاعته في المعرف فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق.
قال الامام ابن عابدين –رحمه الله تعالى- في حاشيته على الدر المختار[3/4] : (من أحكام النكاح حل استمتاع كل منهما بالآخر، نعم له وطؤها جبرا إذا امتنعت بلا مانع شرعي).
وقال الامام ابو اسحق الشيرازي –رحمه الله تعالى- في المهذب في فقه الامام الشافعي [2/482 ]: (وتجب على المرأة معاشرة الزوج بالمعروف، من كف الأذى كما يجب عليه معاشرتها، ويجب عليها بذل ما يجب له من غير مطل).
وقال الامام منصور البهوتي الحنبلي- رحمه الله تعالى- في كشاف القناع عن متن الاقناع [5/188]: (وللزوج الاستمتاع بزوجته كل وقت على أي صفة كانت إذا كان  الاستمتاع  في القُبُل ...ما لم يضرها أو يشغلها عن الفرائض).
👍والخلاصة: 
لا وجود في الشرع لما يسمى بالاغتصاب الزوجي فهو اصطلاح مبتدع ، وقد اتفق الفقهاء على حرمة امتناع المرأة عن فراش زوجها بلا عذر ، وان الواجب على المرأة طاعة زوجها إذا دعاها للفراش، ولا يجوز لها الامتناع إلا لعذر كمرض، أو حيض، أو صوم واجب، أو ضرر يلحقها من الجماع بسبب تعب جسدي نتيجة عمل البيت وتربية الاولاد، فلا يجوز له عندئذ ٍأن يكرهها عليه بالقوة؛ لما في ذلك من الإضرار بها، وفي الحديث الصحيح الذي رواه ابن ماجه والدارقطني وغيرهما وصححه الالباني : ((لا ضرر ولا ضرار)). 
 فالأصل في علاقة الزوجين التفاهم والتراحم والتودد ، لا العنف والاكراه والتعنت، و لكن على الزوج أن يراعي حال زوجته ، ولا يطلب منها المعاشرة في أوقات ضيقها ونفورها، وعليه أن يصبر عليها في ذلك كله ويتودد لها حتى يتم اللقاء بينهما بأحسن حال . والله تعالى اعلم    
✍د. ضياء الدين عبدالله الصالح


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق