المسح على الجوربين
سمعت في أحد الدروس أن العلماء أباحوا المسح على الجوارب
التي لا يظهر أو يرى البشرة من خلالها ، لكن قرأت أنه يجوز المسح على الجوارب حتى الشفافة
منها ، فأي الرأيين أصح ؟
نص الجواب
الحمد لله
أولا :
ثبتت السنة النبوية بالمسح على الخفين .
وقد ألحق بهما جمهور العلماء : الجوربين.
والجَورب كما قال الخليل الفراهيدي : هو لِفافةُ الرَّجلِ
. ينظر : "العين" (6/113).
وفي "مواهب الجليل" (1/318) : " الْجَوْرَبُ
مَا كَانَ عَلَى شَكْلِ الْخُفِّ مِنْ كَتَّانٍ ، أَوْ قُطْنٍ ، أَوْ غَيْرِ
ذَلِكَ " انتهى .
والفرق بين الجورب وبين الخف : أن الخف يكون مصنوعاً
من الجلد ، أما الجورب فلا يكون من الجلد ، بل من الصوف أو الكتان ، أو القطن ، ونحو
ذلك .
وفي وقتنا الحاضر يصنع الجورب أيضاً من النايلون .
ثانياً :
لم يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم شيء في المسح
على الجوربين .
وأما الحديث الذي رواه الترمذي (99) من طريق
أبي قيس عن هُزَيل بن شُرَحبيل عن المُغيرِة بن شُعبة قال: " تَوَضَّأَ النَّبِيُّ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَسَحَ عَلَى الْجَوْرَبَيْنِ وَالنَّعْلَيْنِ
" .
فهو حديث شاذ ضعيف.
قال أبو داود في "السنن" (159) : " كَانَ
عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ لَا يُحَدِّثُ بِهَذَا الْحَدِيثِ ؛ لِأَنَّ
الْمَعْرُوفَ عَنْ الْمُغِيرَةِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
مَسَحَ عَلَى الْخُفَّيْنِ ". انتهى
وقال علي بن المديني : "حَدِيثُ
الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ فِي الْمَسْحِ ، رَوَاهُ عَنِ الْمُغِيرَةَ
: أَهْلُ الْمَدِينَةِ ، وَأَهْلُ الْكُوفَةِ ، وَأَهْلُ الْبَصْرَةِ ، وَرَوَاهُ
هُزَيْلُ بْنُ شُرَحْبِيلَ عَنِ الْمُغِيرَةِ إِلَّا أَنَّهُ قَالَ:
وَمَسَحَ عَلَى الْجَوْرَبَيْنِ ، وَخَالَفَ النَّاسَ
" انتهى من "السنن الكبرى" للبيهقي (1/284).
وَقَالَ الْمُفَضَّلُ بْنُ غَسَّانَ: سَأَلْت يَحْيَى
بْنَ مَعِينٍ عَنْ هَذَا الْحَدِيث؟.
فَقَالَ : "النَّاس كُلّهمْ يَرْوُونَهُ على الخفين
، غير أبي قيس".
انتهى من "السنن الكبرى" للبيهقي (1/284).
وممن ضعفه أيضاً: سفيان الثوري ،
والإمام أحمد ، وابن معين ، ومسلم ، والنسائي ، والعُقيلي
، والدارقطني ، والبيهقي .
قال النووي : " وَهَؤُلَاءِ هُمْ أَعْلَامُ
أَئِمَّةِ الْحَدِيثِ ، وَإِنْ كَانَ التِّرْمِذِيُّ قَالَ: حَدِيثٌ حَسَنٌ ، فهؤلاء
مقدمون عليه ، بل كل واحد من هؤلاء لَوْ انْفَرَدَ قُدِّمَ عَلَى التِّرْمِذِيِّ
، بِاتِّفَاقِ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ ".
انتهى من "المجموع شرح المهذب" (1/500).
ولكن صح المسح على الجوربين عن الصحابة .
قال ابن المنذر : " رُوِيَ إِبَاحَةُ الْمَسْحِ عَلَى
الْجَوْرَبَيْنِ عَنْ تِسْعَةٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ : عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ ، وَعَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ ، وَأَبِي مَسْعُودِ
، وَأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ، وَابْنِ عُمَرَ ، وَالْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ ، وَبِلَالٍ
، وَأَبِي أُمَامَةَ ، وَسَهْلِ بْنِ سَعْدٍ ".
انتهى من "الأوسط " (1/462) .
قال ابن القيم : " وَزَادَ أَبُو دَاوُدَ : أبو أمامه
، وعمرو بن حريث ، وعمر ، وابن عَبَّاسٍ ، فَهَؤُلَاءِ ثَلَاثَة عَشَر صَحَابِيًّا
.
وَالْعُمْدَة فِي الْجَوَاز عَلَى هَؤُلَاءِ رَضِيَ
اللَّه عَنْهُمْ ، لَا عَلَى حَدِيث أَبِي قَيْسٍ .
وَقَدْ نَصَّ أَحْمَدُ عَلَى جَوَازِ الْمَسْحِ عَلَى الْجَوْرَبَيْنِ
، وَعَلَّلَ رِوَايَة أَبِي قَيْسٍ .
وَهَذَا مِنْ إِنْصَافه وَعَدْله رَحِمَهُ اللَّه ، وَإِنَّمَا
عُمْدَته هَؤُلَاءِ الصَّحَابَة ، وَصَرِيح الْقِيَاس ، فَإِنَّهُ لَا يَظْهَر
بَيْن الْجَوْرَبَيْنِ وَالْخُفَّيْنِ فَرْق مُؤَثِّر يَصِحّ أَنْ يُحَال الْحُكْم
عَلَيْهِ ".
انتهى من "تهذيب السنن" (1/187).
وقال ابن قدامة : " الصَّحَابَة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ،
مَسَحُوا عَلَى الْجَوَارِبِ ، وَلَمْ يَظْهَرْ لَهُمْ مُخَالِفٌ فِي عَصْرِهِمْ ،
فَكَانَ إجْمَاعًا " انتهى من "المغني" (1/215) .
وكذلك لا فرق بين الخف والجورب من حيث النظر
.
قال شيخ الإسلام : " فَإِنَّ الْفَرْقَ بَيْنَ
الْجَوْرَبَيْنِ وَالنَّعْلَيْنِ : إنَّمَا هُوَ كَوْنُ هَذَا مِنْ صُوفٍ ، وَهَذَا
مِنْ جُلُودٍ .
وَمَعْلُومٌ أَنَّ مِثْلَ هَذَا الْفَرْقِ غَيْرُ مُؤَثِّرٍ
فِي الشَّرِيعَةِ ، فَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ جُلُودًا ، أَوْ قُطْنًا ، أَوْ
كَتَّانًا ، أَوْ صُوفًا .
كَمَا لَمْ يُفَرَّقْ بَيْنَ سَوَادِ اللِّبَاسِ فِي الْإِحْرَامِ
وَبَيَاضِهِ ... وَغَايَتُهُ أَنَّ الْجِلْدَ أَبْقَى مِنْ الصُّوفِ: فَهَذَا لَا تَأْثِيرَ
لَهُ ، كَمَا لَا تَأْثِيرَ لِكَوْنِ الْجِلْدِ قَوِيًّا ...
وَأَيْضًا : فَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ الْحَاجَةَ إلَى الْمَسْحِ
عَلَى هَذَا ، كَالْحَاجَةِ إلَى الْمَسْحِ عَلَى هَذَا سَوَاءٌ ، وَمَعَ التَّسَاوِي
فِي الْحِكْمَةِ وَالْحَاجَةِ ، يَكُونُ التَّفْرِيقُ بَيْنَهُمَا تَفْرِيقًا
بَيْنَ الْمُتَمَاثِلَيْنِ ، وَهَذَا خِلَافُ الْعَدْلِ وَالِاعْتِبَارِ الصَّحِيحِ
، الَّذِي جَاءَ بِهِ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ ، وَمَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهِ كُتُبَهُ
وَأَرْسَلَ بِهِ رُسُلَهُ .
، وَمَنْ فَرَّقَ بِكَوْنِ هَذَا يَنْفُذُ الْمَاءُ مِنْهُ
، وَهَذَا لَا يَنْفُذُ مِنْهُ : فَقَدْ ذَكَرَ فَرْقًا طَرْدِيًّا عَدِيمَ التَّأْثِيرِ".
انتهى من "مجموع الفتاوى" (21/214).
ثالثاً :
عامة من أجاز المسح على الجوربين من العلماء
: اشترط للمسح عليهما أن يكونا ثخينين ، يمكن
متابعة المشي فيهما ، ينظر: "المبسوط" (1/102) ، "المجموع"
(1/483) ، "الإنصاف" (1/170) .
لأن حكم الجورب حكم الخف ، والخف لا يكون إلا
صفيقاً ، ولا يمكن للجورب أن يُنَزَّل منزلة الخف ، إلاَّ إذا كان مثله .
قال الكاساني : " فَإِنْ كَانَا
رَقِيقَيْنِ يَشِفَّانِ الْمَاءَ ، فلَا يَجُوزُ الْمَسْحُ عَلَيْهِمَا بِالْإِجْمَاعِ
".
انتهى من "بدائع الصنائع" (1/10).
وقال ابن القطان الفاسي : " وأجمع
الجميع أن الجوربين إذا لم يكونا كثيفين : لم يجز المسح عليهم " انتهى
من "الإقناع في مسائل الإجماع" ( المسألة : 351) .
وسئل شيخ الإسلام : هَلْ يَجُوزُ الْمَسْحُ عَلَى الْجَوْرَبِ
كَالْخُفِّ أَمْ لَا ؟
فقال : " نَعَمْ يَجُوزُ الْمَسْحُ عَلَى
الْجَوْرَبَيْنِ إذَا كَانَ يَمْشِي فِيهِمَا ، سَوَاءٌ كَانَتْ مُجَلَّدَةً
، أَوْ لَمْ تَكُنْ" انتهى من "مجموع الفتاوى" (21/213).
وقال : " وَإِنْ كَانَ رَقِيقًا
... لَمْ يُمْسَحْ عَلَيْهِ ؛ لِأَنَّ فِي مِثْلِهِ لَا يُمْشَى فِيهِ
عَادَةً ، وَلَا يُحْتَاجُ إِلَى الْمَسْحِ عَلَيْهِ " انتهى من
"شرح عمدة الفقه" (1/251).
وفي "فتاوى اللجنة الدائمة"
(5/267) : " يجب أن يكون الجورب صفيقاً ، لا يَشِفُّ عما تحته".
انتهى
وقالوا : " يجوز المسح على كل ما يستر الرجلين مما يلبس
عليهما من الخفاف والجوارب الصفيقة " انتهى من " فتاوى
اللجنة الدائمة " (4/101).
وكذا قال الشيخ محمد بن إبراهيم : " يجوز
المسح على الشُرَّاب ونحوها سواء كانت من صوف أَو من وبر أَو من شعر أَو من قطن أَو
غيرها - وتسمى الجوربين - ، إِذا كانت صفيقة ساترة لمحل الفرض واستكملت الشروط
المطلوبة ".
انتهى من "فتاوى ورسائل الشيخ محمد بن إبراهيم"
(2/66).
وقال : " أَما إِذا كان الشرَّاب رقيقاً
حيث يصف البشرة ... فإِنه لا يمسح عليه ".
انتهى من "فتاوى الشيخ محمد بن إبراهيم" (2/
68).
وقال الشيخ ابن باز : " من شرط
المسح على الجوارب : أن يكون صفيقا ساتراً ، فإن كان شفافاً لم يجز المسح عليه ؛ لأن
القدم والحال ما ذكر في حكم المكشوفة ".
انتهى من " فتاوى الشيخ ابن باز"
(10/110).
ومن العلماء من أجاز المسح على الجوربين مطلقاً .
قال النووي : " وَحَكَى أَصْحَابُنَا عَنْ عُمَرَ وَعَلِيٍّ
رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا جَوَازَ الْمَسْحِ عَلَى الْجَوْرَبِ وَإِنْ كَانَ رَقِيقًا
، وحكوه عن أبي يوسف ومحمد واسحق وَدَاوُد " .
انتهى من "المجموع شرح المهذب" (1/500) .
وهو ما يرجحه الشيخ الألباني ، والشيخ ابن عثيمين ، رحمهما
الله تعالى .
ولكن ما سبق هو قول عامة العلماء ، وهو الأرجح ؛ لأن العمدة
في الجواز : القياس على الخفين ، والجورب الشفاف الرقيق ليس مثل الخف
، فلا يقاس عليه.
والجوارب التي كان يمسح عليها الصحابة كانت ثخينة ؛ لأن الجوارب
الشفافة لم تُعرف إلا متأخراً.
وقد قال الإمام أحمد : " لَا يُجْزِئُهُ
الْمَسْحُ عَلَى الْجَوْرَبِ حَتَّى يَكُونَ جَوْرَبًا صَفِيقًا... إنَّمَا مَسَحَ
الْقَوْمُ عَلَى الْجَوْرَبَيْنِ أَنَّهُ كَانَ عِنْدَهُمْ بِمَنْزِلَةِ الْخُفِّ ،
يَقُومُ مَقَامَ الْخُفِّ فِي رِجْلِ الرَّجُلِ ، يَذْهَبُ فِيهِ الرَّجُلُ وَيَجِيءُ
" انتهى من "المغني" لابن قدامة (1/216).
فإن قيل : لماذا اشترط العلماء في الجورب هذه الشروط ؟
قال المباركفوري : " الأصل هُوَ
غَسْلُ الرِّجْلَيْنِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْقُرْآنِ ، وَالْعُدُولُ
عَنْهُ لَا يَجُوزُ إِلَّا بِأَحَادِيثَ صَحِيحَةٍ اتَّفَقَ عَلَى صِحَّتِهَا أَئِمَّةُ
الْحَدِيثِ ، كَأَحَادِيثِ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ ، فَجَازَ الْعُدُولُ عَنْ
غَسْلِ الْقَدَمَيْنِ إِلَى الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ ، بِلَا خِلَافٍ
.
وَأَمَّا أَحَادِيثُ الْمَسْحِ عَلَى الْجَوْرَبَيْنِ
، فَفِي صِحَّتِهَا كَلَامٌ عِنْدَ أَئِمَّةِ الْفَنِّ ، فَكَيْفَ يَجُوزُ الْعُدُولُ
عَنْ غَسْلِ الْقَدَمَيْنِ إِلَى الْمَسْحِ عَلَى الْجَوْرَبَيْنِ مُطْلَقًا
؟. .
فَلِأَجْلِ ذَلِكَ اشْتَرَطُوا جَوَازَ الْمَسْحِ
عَلَى الْجَوْرَبَيْنِ بِتِلْكَ الْقُيُودِ ، لِيَكُونَا فِي مَعْنَى الْخُفَّيْنِ
، وَيَدْخُلَا تَحْتَ أَحَادِيثِ الْخُفَّيْنِ ....
والْجَوْرَبَيْنِ إِذَا كَانَا ثَخِينَيْنِ
صَفِيقَيْنِ بِحَيْثُ يُسْتَمْسَكَانِ عَلَى الْقَدَمَيْنِ بِلَا شَدٍّ ، وَيُمْكِنُ
تَتَابُعُ الْمَشْيِ فِيهِمَا ، فَلَا شَكَّ فِي أَنَّهُ لَيْسَ بَيْنَ هَذَيْنِ
الْجَوْرَبَيْنِ وَالْخُفَّيْنِ فَرْقٌ مُؤَثِّرٌ ؛ لِأَنَّهُمَا فِي مَعْنَى الْخُفَّيْنِ.
وأمَّا إِذَا كانا رقيقين بحيث لا يستمسكان
على القدمين بِلَا شَدٍّ ، وَلَا يُمْكِنُ تَتَابُعُ الْمَشْيِ فِيهِمَا
، فَهُمَا لَيْسَا فِي مَعْنَى الْخُفَّيْنِ ، فَلَا شَكَّ فِي
أَنَّ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ الْخُفَّيْنِ فَرْقًا مُؤَثِّرًا .
أَلَا تَرَى أَنَّ الْخُفَّيْنِ بِمَنْزِلَةِ
النَّعْلَيْنِ عِنْدَ عَدَمِ وِجْدَانِهِمَا يَذْهَبُ الرَّجُلُ فِيهِمَا وَيَجِيءُ
، وَيَمْشِي أَيْنَمَا شَاءَ ، فَلَابِسُ الْخُفَّيْنِ لَا يَحْتَاجُ إِلَى نَزْعِهِمَا
عِنْدَ الْمَشْيِ ، فَلَا يَنْزِعُهُمَا يَوْمًا وَلَيْلَةً ، بل أياما وليالي ، فهذا
يشق عليه نزعمها عِنْدَ كُلِّ وُضُوءٍ .
بِخِلَافِ لَابِسِ الْجَوْرَبَيْنِ الرَّقِيقَيْنِ
، فَإِنَّهُ كُلَّمَا أَرَادَ أَنْ يَمْشِيَ يَحْتَاجُ إِلَى
النَّزْعِ فَيَنْزِعُهُمَا فِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ مَرَّاتٍ عَدِيدَةً ، وَهَذَا
لَا يَشُقُّ عَلَيْهِ نَزْعُهُمَا عِنْدَ كُلِّ وُضُوءٍ ، وَهَذَا الْفَرْقُ
يَقْتَضِي أَنْ يُرَخِّصَ لِلَابِسِ الْخُفَّيْنِ دُونَ لَابِسِ الْجَوْرَبَيْنِ الرَّقِيقَيْنِ
، فَقِيَاسُ هَذَا عَلَى ذَلِكَ قِيَاسٌ مَعَ الْفَارِقِ ".
انتهى من "تحفة الأحوذي" (1/ 285)
والحاصل :
أن الذي عليه عامة العلماء المنع من المسح على
الجوارب الشفافة ، وأن الجواز مقيد بالجوارب الصفيقة.
والله أعلم .
الشيخ محمد صالح المنجد
فليتق الله أناس في تساهلهم العظيم في أمر الصلاة ، والتي هي أعظم ركن
الإسلام بعد الشهادتين .
وليعدّوا جواباً ليوم القيامة عن هذا التساهل ، جواباً يقنع أنفسهم !
وقد قال الله تعالى : (فَاسْأَلُوا أَهْلَ
الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُون ) .
فلا يجوز تقليد الأميين وأشباههم في الإسلام ، بل هو حرام !
فالذي يفتي الناس ، ويدّعي تحمّل أخطاء الآخرين يوم القيامة ، وهو ليس
بمجتهد ، ولا عالم ، فليخش على نفسه أن يشمله حكم هذه الآية الكريمة :
(وَقَالَ
الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا اتَّبِعُوا سَبِيلَنَا وَلْنَحْمِلْ
خَطَايَاكُمْ وَمَا هُمْ بِحَامِلِينَ مِنْ خَطَايَاهُمْ مِنْ شَيْءٍ إِنَّهُمْ
لَكَاذِبُونَ . وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالَهُمْ وَأَثْقَالًا مَعَ أَثْقَالِهِمْ
وَلَيُسْأَلُنَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَمَّا كَانُوا يَفْتَرُونَ ) .
فهذا التساهل المفرط – ولاسيما في أمر الصلاة – يدل دلالة واضحة على خواء
القلب من التقوى وخشية الله تعالى .
وقد قال الله تعالى :
( ذَلِكَ
وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ ) .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق