💥تكرار صلاة الجنازة واعادتها
السؤال: شيخا اُحضرت جنازة في المسجد فصُليَ عليها بعد صلاة العشاء، وفي الصباح ارادت جماعة اخرى أن تصلي عليها ، فهل من حرج في تكرارها؟ وهل يعيد الصلاة على الجنازة لمن صلى عليها؟ بارك الله فيكم
الجواب: الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسوله الامين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد:
✍️فقد ذهب جمهور اهل العلم على جواز تكرار الصلاة على الجنازة التي صُليَ عليها، واحتجوا على جواز التكرار بحديث أبي هريرة رضي الله عنه: ((أَنَّ أَسْوَدَ رَجُلًا - أَوِ امْرَأَةً - كَانَ يَكُونُ فِي المَسْجِدِ يَقُمُّ المَسْجِدَ، فَمَاتَ وَلَمْ يَعْلَمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَوْتِهِ، فَذَكَرَهُ ذَاتَ يَوْمٍ فَقَالَ: «مَا فَعَلَ ذَلِكَ الإِنْسَانُ؟» قَالُوا: مَاتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: «أَفَلاَ آذَنْتُمُونِي؟» فَقَالُوا: إِنَّهُ كَانَ كَذَا وَكَذَا - قِصَّتُهُ - قَالَ: فَحَقَرُوا شَأْنَهُ، قَالَ: «فَدُلُّونِي عَلَى قَبْرِهِ» فَأَتَى قَبْرَهُ فَصَلَّى عَلَيْهِ )) متفق عليه، وبحديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: ((أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مَرَّ بِقَبْرٍ قَدْ دُفِنَ لَيْلًا، فَقَالَ: «مَتَى دُفِنَ هَذَا؟» قَالُوا: البَارِحَةَ، قَالَ: «أَفَلاَ آذَنْتُمُونِي؟» قَالُوا: دَفَنَّاهُ فِي ظُلْمَةِ اللَّيْلِ فَكَرِهْنَا أَنْ نُوقِظَكَ، فَقَامَ، فَصَفَفْنَا خَلْفَهُ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: وَأَنَا فِيهِمْ فَصَلَّى عَلَيْهِ )) رواه البخاري.
وفي الحديثين دلالة واضحة على استحباب تكرار صلاة الجنازة؛ وذلك لأنّ الأصل أنّ المسلم لا يدفن إلا بعد أن يصلى عليه، فيكون الغالب أنّ القبر الذي صلى عليه النبي صلى الله عليه وسلم لم يدفن إلا وقد صلي عليه.
⚡️واما إعادة الصلاة على الجنازة لمن صلى عليها ؛ فقد اختلف الفقهاء فيها على قولين :
القول الاول : ذهب جمهور العلماء على عدم جواز الاعادة ، وهو قول الحنفية والمالكية مع التفصيل كما سيأتي ، والحنابلة في المشهور، وهو المعتمد عند الشافعية .
مذهب المالكية : اجازوا الاعادة بما إذا كانت الصلاة الأولى صلاها فذاً أي مفردا والثانية جماعة.
مذهب الحنفية: فلم يروا مشروعية الإعادة مطلقا إلا في حالة واحدة؛ وهي فيما لو صلى جماعة على الميت بغير إذن وليه ثم حضر الولي فله إعادة الصلاة .
قال الكاساني في بدائع الصنائع [1/311]: ( ولا يصلى على ميت إلا مرة واحدة، لا جماعة ولا وحدانا عندنا، إلا أن يكون الذين صلوا عليها أجانب بغير أمر الأولياء، ثم حضر الولي فحينئذ له أن يعيدها).
قال الامام البغوي في التهذيب في فقه الامام الشافعي [2/438 ]: (ومن صلى على جنازة مرَّةً، لا يستحب أن يصلي ثانياً؛ لأنه لا يتطوَّع بها. فإن كان قد صلى وحده، ثم أراد أن يصلي مع جماعة، فيه وجهان، أحدهما: يستحب؛ كما في سائر الصلوات. والثاني: لا يصلي ثانياً؛ لأنه لا يتنفَّل بها).
قال الامام ابن قدامة المقدسي في المغني [2/382 ] : (ومن صلى مرة فلا يسن له إعادة الصلاة عليها. وإذا صلي على الجنازة مرة لم توضع لأحد يصلي عليها. قال القاضي: لا يحسن بعد الصلاة عليه).
هذا المنع فيما لو صُلّيَ على الميت بعد تغسيله، أما لو صُليَ عليه قبل تغسيله فالجمهور أنه يصلي عليه مرة أخرى.
القول الثاني : جواز الاعادة لمن صلى عليها، وإليه ذهب الظاهرية ، وهو الوجه الثاني عند الشافعية ، ورواية عند الحنابلة ، لان في حديث ابن عباس : (فَقَامَ، فَصَفَفْنَا خَلْفَهُ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: وَأَنَا فِيهِمْ فَصَلَّى عَلَيْهِ) فالنبي عليه الصلاة والسلام لم يسألهم عمن صلى سابقا. والصلاة دعاء للميت وتكرار الدعاء لا بأس به.
قال شيخ الاسلام ابن تيمية في الفتاوى [23/387] : (وأما اذا صلى هو على الجنازة ، ثم صلى عليها غيره : فهل له ان يعيدها مع الطائفة الثانية ؟ فيه وجهان في مذهب أحمد ، قيل : لا يعيدها ، قالوا : لأن الثانية نفل ، وصلاة الجنازة لا يتنفل بها ، وقيل : بل يعيدها ، وهو الصحيح ، فان النبي صلى الله عليه وسلم لما صلى على قبر منبود[ مهجور أو بعيد] صلى معه من كان صلى عليها اولا ، وإعادة صلاة الجنازة من جنس اعادة الفريضة ، فتشرع حيث شرعها الله ورسوله صلى الله عليه وسلم ، وعلى هذا : فهل يؤم على الجنازة مرتين ؟ على روايتين ، والصحيح ان له ذلك ، والله اعلم).
👍المفتى به:
هو ما ذهب اليه اصحاب القول الثاني من جواز الاعادة لمن صلى عليها ، وذلك لان النبي -صلى الله عليه وسلم- في حديث ابن عباس لما صلى على قبر مهجور صلى معه من كان صلى عليها اولا، ولم يسألهم عمن صلى سابقا.
وقول ابن عباس – رضي الله عنهما- : (وَأَنَا فِيهِمْ فَصَلَّى عَلَيْهِ) يدل على الجواز لأنه قد أعاد الصلاة معهم، ولم يسألهم عليه الصلاة والسلام عمن صلى سابقا، ولو كانت ممنوعة لما سكت عنها ، فسكوت الشارع الحكيم في معرض الحاجة بيان على الجواز ، وهو قول متجه يؤيده الدليل.
🌙ومن اراد العمل بما ذهب اليه الجمهور على عدم جواز تكرار الصلاة على الجنازة لمن صلى عليها، احتياطا فلا بأس بذلك ، لان في الامر سعة ولم يرد نص صريح يحسم الخلاف ، والله تعالى اعلم
د. ضياء الدين الصالح
السؤال: شيخا اُحضرت جنازة في المسجد فصُليَ عليها بعد صلاة العشاء، وفي الصباح ارادت جماعة اخرى أن تصلي عليها ، فهل من حرج في تكرارها؟ وهل يعيد الصلاة على الجنازة لمن صلى عليها؟ بارك الله فيكم
الجواب: الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسوله الامين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد:
✍️فقد ذهب جمهور اهل العلم على جواز تكرار الصلاة على الجنازة التي صُليَ عليها، واحتجوا على جواز التكرار بحديث أبي هريرة رضي الله عنه: ((أَنَّ أَسْوَدَ رَجُلًا - أَوِ امْرَأَةً - كَانَ يَكُونُ فِي المَسْجِدِ يَقُمُّ المَسْجِدَ، فَمَاتَ وَلَمْ يَعْلَمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَوْتِهِ، فَذَكَرَهُ ذَاتَ يَوْمٍ فَقَالَ: «مَا فَعَلَ ذَلِكَ الإِنْسَانُ؟» قَالُوا: مَاتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: «أَفَلاَ آذَنْتُمُونِي؟» فَقَالُوا: إِنَّهُ كَانَ كَذَا وَكَذَا - قِصَّتُهُ - قَالَ: فَحَقَرُوا شَأْنَهُ، قَالَ: «فَدُلُّونِي عَلَى قَبْرِهِ» فَأَتَى قَبْرَهُ فَصَلَّى عَلَيْهِ )) متفق عليه، وبحديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: ((أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مَرَّ بِقَبْرٍ قَدْ دُفِنَ لَيْلًا، فَقَالَ: «مَتَى دُفِنَ هَذَا؟» قَالُوا: البَارِحَةَ، قَالَ: «أَفَلاَ آذَنْتُمُونِي؟» قَالُوا: دَفَنَّاهُ فِي ظُلْمَةِ اللَّيْلِ فَكَرِهْنَا أَنْ نُوقِظَكَ، فَقَامَ، فَصَفَفْنَا خَلْفَهُ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: وَأَنَا فِيهِمْ فَصَلَّى عَلَيْهِ )) رواه البخاري.
وفي الحديثين دلالة واضحة على استحباب تكرار صلاة الجنازة؛ وذلك لأنّ الأصل أنّ المسلم لا يدفن إلا بعد أن يصلى عليه، فيكون الغالب أنّ القبر الذي صلى عليه النبي صلى الله عليه وسلم لم يدفن إلا وقد صلي عليه.
⚡️واما إعادة الصلاة على الجنازة لمن صلى عليها ؛ فقد اختلف الفقهاء فيها على قولين :
القول الاول : ذهب جمهور العلماء على عدم جواز الاعادة ، وهو قول الحنفية والمالكية مع التفصيل كما سيأتي ، والحنابلة في المشهور، وهو المعتمد عند الشافعية .
مذهب المالكية : اجازوا الاعادة بما إذا كانت الصلاة الأولى صلاها فذاً أي مفردا والثانية جماعة.
مذهب الحنفية: فلم يروا مشروعية الإعادة مطلقا إلا في حالة واحدة؛ وهي فيما لو صلى جماعة على الميت بغير إذن وليه ثم حضر الولي فله إعادة الصلاة .
قال الكاساني في بدائع الصنائع [1/311]: ( ولا يصلى على ميت إلا مرة واحدة، لا جماعة ولا وحدانا عندنا، إلا أن يكون الذين صلوا عليها أجانب بغير أمر الأولياء، ثم حضر الولي فحينئذ له أن يعيدها).
قال الامام البغوي في التهذيب في فقه الامام الشافعي [2/438 ]: (ومن صلى على جنازة مرَّةً، لا يستحب أن يصلي ثانياً؛ لأنه لا يتطوَّع بها. فإن كان قد صلى وحده، ثم أراد أن يصلي مع جماعة، فيه وجهان، أحدهما: يستحب؛ كما في سائر الصلوات. والثاني: لا يصلي ثانياً؛ لأنه لا يتنفَّل بها).
قال الامام ابن قدامة المقدسي في المغني [2/382 ] : (ومن صلى مرة فلا يسن له إعادة الصلاة عليها. وإذا صلي على الجنازة مرة لم توضع لأحد يصلي عليها. قال القاضي: لا يحسن بعد الصلاة عليه).
هذا المنع فيما لو صُلّيَ على الميت بعد تغسيله، أما لو صُليَ عليه قبل تغسيله فالجمهور أنه يصلي عليه مرة أخرى.
القول الثاني : جواز الاعادة لمن صلى عليها، وإليه ذهب الظاهرية ، وهو الوجه الثاني عند الشافعية ، ورواية عند الحنابلة ، لان في حديث ابن عباس : (فَقَامَ، فَصَفَفْنَا خَلْفَهُ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: وَأَنَا فِيهِمْ فَصَلَّى عَلَيْهِ) فالنبي عليه الصلاة والسلام لم يسألهم عمن صلى سابقا. والصلاة دعاء للميت وتكرار الدعاء لا بأس به.
قال شيخ الاسلام ابن تيمية في الفتاوى [23/387] : (وأما اذا صلى هو على الجنازة ، ثم صلى عليها غيره : فهل له ان يعيدها مع الطائفة الثانية ؟ فيه وجهان في مذهب أحمد ، قيل : لا يعيدها ، قالوا : لأن الثانية نفل ، وصلاة الجنازة لا يتنفل بها ، وقيل : بل يعيدها ، وهو الصحيح ، فان النبي صلى الله عليه وسلم لما صلى على قبر منبود[ مهجور أو بعيد] صلى معه من كان صلى عليها اولا ، وإعادة صلاة الجنازة من جنس اعادة الفريضة ، فتشرع حيث شرعها الله ورسوله صلى الله عليه وسلم ، وعلى هذا : فهل يؤم على الجنازة مرتين ؟ على روايتين ، والصحيح ان له ذلك ، والله اعلم).
👍المفتى به:
هو ما ذهب اليه اصحاب القول الثاني من جواز الاعادة لمن صلى عليها ، وذلك لان النبي -صلى الله عليه وسلم- في حديث ابن عباس لما صلى على قبر مهجور صلى معه من كان صلى عليها اولا، ولم يسألهم عمن صلى سابقا.
وقول ابن عباس – رضي الله عنهما- : (وَأَنَا فِيهِمْ فَصَلَّى عَلَيْهِ) يدل على الجواز لأنه قد أعاد الصلاة معهم، ولم يسألهم عليه الصلاة والسلام عمن صلى سابقا، ولو كانت ممنوعة لما سكت عنها ، فسكوت الشارع الحكيم في معرض الحاجة بيان على الجواز ، وهو قول متجه يؤيده الدليل.
🌙ومن اراد العمل بما ذهب اليه الجمهور على عدم جواز تكرار الصلاة على الجنازة لمن صلى عليها، احتياطا فلا بأس بذلك ، لان في الامر سعة ولم يرد نص صريح يحسم الخلاف ، والله تعالى اعلم
د. ضياء الدين الصالح
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق