واختلف اصحابنا في الغناء فذهب ابو بكر الخلال وصاحبه ابو بكر عبد العزيز الى اباحته قال ابو بكر عبد العزيز: والغناء والنوح معنى واحد, مباح ما لم يكن معه منكر ولا فيه طعن وكان الخلال يحمل الكراهة من احمد على الافعال المذمومة لا على القول بعينه وروي عن احمد, انه سمع عند ابنه صالح قوالا فلم ينكر عليه وقال له صالح: يا ابت, اليس كنت تكره هذا؟ فقال: انه قيل لي: انهم يستعملون المنكر وممن ذهب الى اباحته من غير كراهة سعد بن ابراهيم وكثير من اهل المدينة, والعنبري لما روي عن عائشة رضي الله عنها قالت: (كانت عندي جاريتان تغنيان فدخل ابو بكر فقال: مزمور الشيطان في بيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم-, فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: دعهما فانها ايام عيد) متفق عليه وعن عمر رضي الله عنه انه قال: الغناء زاد الراكب واختار القاضي انه مكروه غير محرم وهو قول الشافعي قال: هو من اللهو المكروه وقال احمد: الغناء ينبت النفاق في القلب, لا يعجبني وذهب اخرون من اصحابنا الى تحريمه قال احمد: في من مات وخلف ولدا يتيما وجارية مغنية فاحتاج الصبي الى بيعها, تباع ساذجة قيل له: انها تساوي مغنية ثلاثين الفا وتساوي ساذجة عشرين دينارا قال: لا تباع الا على انها ساذجة واحتجوا على تحريمه بما روي عن ابن الحنفية في قوله تعالى: {واجتنبوا قول الزور} قال: الغناء وقال ابن عباس وابن مسعود, في قوله: {ومن الناس من يشتري لهو الحديث} قال: هو الغناء وعن ابي امامة (ان النبي -صلى الله عليه وسلم- نهى عن شراء المغنيات وبيعهن والتجارة فيهن, واكل اثمانهن حرام) اخرجه الترمذي وقال: لا نعرفه الا من حديث علي بن يزيد وقد تكلم فيه اهل العلم وروى ابن مسعود, ان النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (الغناء ينبت النفاق في القلب) والصح انه من قول ابن مسعود وعلى كل حال من اتخذ الغناء صناعة يؤتى له, وياتى له او اتخذ غلاما او جارية مغنين يجمع عليهما الناس, فلا شهادة له لان هذا عند من لم يحرمه سفه ودناءة وسقوط مروءة ومن حرمه فهو مع سفهه عاص مصر متظاهر بفسوقه وبهذا قال الشافعي واصحاب الراي وان كان لا ينسب نفسه الى الغناء, وانما يترنم لنفسه ولا يغني للناس او كان غلامه وجاريته انما يغنيان له, انبنى هذا على الخلاف فيه فمن اباحه او كرهه لم ترد شهادته ومن حرمه, قال: ان داوم عليه ردت شهادته كسائر الصغائر, وان لم يداوم عليه لم ترد شهادته وان فعله من يعتقد حله فقياس المذهب انه لا ترد شهادته بما لا يشتهر به منه, كسائر المختلف فيه من الفروع ومن كان يغشى بيوت الغناء او يغشاه المغنون للسماع متظاهرا بذلك وكثر منه, ردت شهادته في قولهم جميعا لانه سفه ودناءة وان كان معتبرا به فهو كالمغني لنفسه, على ما ذكر من التفصيل فيه.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق