الأحد، 9 مارس 2025

حكم التدخين في الاسلام ؟

 



لاشك أن هناك عدد كبير ابتلى بنقمة التدخين، وتظل تلك العادة السيئة مرتبطة بأسئلة تشغل بال المدخنين خاصة إذا تعلق الأمر بجانب دينى، وفي ذلك التقرير نرصد اسئلة تعلقت بالتدخين تلقتها دار الافتاء وأجابت عنها، وهى كالتالى:
التدخين، وهو: ما يعرف بتعاطي نبات التبغ بالإحراق، وجذب الدخان الناتج عن إشعاله.
والتبغ: لفظ أجنبي دخل العربية دون تغيير، وقد أقره مجمع اللغة العربية. وهو نبات من الفصيلة الباذنجانية يستعمل تدخينًا وسعوطًا ومضغًا، ومنه نوع يزرع للزينة، وهو من أصل أمريكي، ولم يعرفه العرب القدماء، فقد ظهر في أواخر القرن العاشر الهجري وأوائل القرن الحادي عشر، وأول من جلبه لأرض العثمانيين الإنجليز، ولأرض المغرب يهودي زعم أنه حكيم، ثم جُلب إلى مصر، والحجاز، والهند، وغالب بلاد الإسلام.
ومن أسمائه: الدخان، والتتن، والتنباك، لكن الغالب إطلاق هذا الأخير على نوع خاص من التبغ كثيف يدخن بالنارجيلة لا باللفائف.
ومما يشبه التبغ في التدخين والإحراق: الطباق، وهو نبات عشبي معمر من فصيلة المركبات الأنبوبية الزهرية، وهو معروف عند العرب، خلافًا للتبغ، والطباق: لفظ معرب. الطباق: الدخان. يدخن ورقه مفرومًا أو ملفوفًا(1).
ومدار حكم التدخين على الضرر، فإن تحقق الضرر الذي تمنعه الشريعة الإسلامية فيحرم لذلك، وإن لم يتحقق كره أو أبيح، وكان ذلك سبب اختلاف العلماء فيه قديمًا؛ حيث إن الطب ما زال يكشف لنا عن كل جديد، ويخبرنا بأضرار التدخين يومًا بعد يوم، وما وصل إليه الطب الحديث في عصرنا أن التدخين ضارٌّ جدًّا بالصحة الإنسانية، وأنه يحتوي على مادة مفترة.
فعن عبادة بن الصامت رضي الله عنه: أن من قضاء النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ»(2)، وبنيت عليه قواعد فقهية كلية وفرعية، منها: "الضرر يزال"، ومنها: "دفع المفسدة مقدم على جلب المصلحة"، وعن أم سلمة رضي الله عنها قالت: "نَهَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ عَنْ كُلِّ مُسْكِرٍ وَمُفْتِرٍ"(3).
وبناءً عليه: يُعلم أن الشرع حرَّم الضرر البالغ، والتدخين يصيب الإنسان بالضرر البالغ كما أقر بذلك الأطباء، ويحرم الشرع كل مادة مفترة، والتبغ وكل النبات الذي يدخن يفتر أعصاب الإنسان، وحرَّم الشرع الشريف إضاعة المال، وهي الإنفاق فيما لا فائدة له، بل فيما فيه ضرر؛ فقد صح عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: «إِنَّ اللهَ كَرِهَ لَكُمْ قِيلَ وَقَالَ، وَإِضَاعَةَ الْمَالِ، وَكَثْرَةَ السُّؤَالِ»(4)؛ لذا نرى أن التدخين عادة سيئة محرمة شرعًا، نسأل الله أن يتوب على من ابتلي بها.
التدخين لا ينقض الوضوء، غير أنه يستحب للمسلم أن يطهِّر فمه من رائحة التدخين عند الصلاة حتى لا يؤذي إخوانه المصلين.
ما حكم من يشوش على قراءة القرآن ومن يعرض عن سماعه ويشرب السجائر ويلغو بالكلام الفارغ وقت القراءة؟ وما جزاء كل؟
قال الله تعالى: ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ﴾ [الأنفال: 2]، وقال الله تعالى: ﴿وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ﴾ [الأعراف: 204].
والاستماع للقرآن إذا قرئ أبلغ من سماعه؛ لأنه إنما يكون بقصد ونية وتوجيه الحاسة إلى الكلام لفهمه وإدراك مقاصده ومعانيه، أما السمع فهو ما يحصل ولو بدون قصد، والإنصات السكوت لأجل الاستماع حتى لا يشغله الكلام عن الإحاطة بكل ما يقرأ، فأمر الله تعالى المسلمين بالاستماع للقرآن وبالإنصات يفهم منه الإجابة عما يفعله بعض الناس أثناء تلاوة القرآن في المآتم من الشوشرة على القارئ، والإعراض عن سماع القرآن بلغو الحديث وشرب السجاير فإن ذلك كله مكروه كراهة شديدة لمخالفته للأمر بالاستماع والإنصات الذي هو الوسيلة لتدبر معاني القرآن، وهو أيضا لا يتفق مع جلال القرآن وعظم شأنه.
وقد حكى ابن المنذر الإجماع على عدم وجوب الاستماع والإنصات في غير الصلاة والخطبة؛ لأن إيجابهما على كل من يسمع أحدًا يقرأ فيه حرج عظيم؛ لأنه يقتضي أن يترك المشتغل بالعلم علمه والمشتغل بالحكم حكمه والمتبايعان مساومتهما وتعاقدهما وكل ذي عمل عمله، ولكن من يكون في مجلس يقرأ فيه القرآن ولا يوجد شاغل من عمله يشغله عنه لا يباح له أن يعرض عن الاستماع والإنصات وخاصة إذا رفع صوته بالكلام على صوت القارئ عمدًا؛ لأن الله أدب المؤمنين مع رسوله بقوله: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ﴾ [الحجرات: 2]، فرفع أصوات المؤمنين على صوت التالي للقرآن أولى بالنهي والأدب مع الله فوق الأدب مع كلام الرسول.
والواجب على كل مسلم أن يتأدب بآداب القرآن وأن يحرص على استماعه والإنصات إليه، ولعل من أعجب العجب أن تشاهد هؤلاء الذي يلغون بالقول أو يشربون السجاير والقارئ يقرأ كلام الله لا يفعلون ذلك تأدبًا إذا كانوا في مجلس يخطب فيهم واحد منهم، وأولى بهؤلاء القوم أن ينصرفوا عن مجلس القرآن ويدعوا غيرهم يستمع وينصت أو أن يلتزموا أدب سماع القرآن لينفعوا أنفسهم ولا يحولوا بين غيرهم والإفادة من سماع كلام الله.
#هل_يمكن_أن_أسمح_للناس أن يدخنوا في سيارتي أو منزلي؟
هذا أمر يتعلق بالضرر الذي قد يصيبك من التدخين؛ فكما أنّ مِن حقك أن ترفض السماح له بالتدخين في منزلك أو سيارتك لضرر التدخين السلبي خاصةً في الأماكن المغلقة حتى صار مُجَرَّمًا فيها في كثير من قوانين بلدان العالم، بعد أن أثبت الطب ضرر استنشاق دخان السجائر في التدخين السلبي، فكذلك أيضًا لا مانع من سماحك له بالتدخين إذا أخذت احتياطك من حصول الضرر عليك بالحرص على عدم التعرض المباشر لدخان السجائر، ولا تكون بذلك آثمًا شرعًا ولا يكون سماحك له بذلك إذنًا له في فعل الحرام؛ لأن مَحَلَّ استئذانه عُرفًا ليس في فعل الحرام أو تركه حتى تكون مشاركًا له فيه فتأثَمَ معه، بل محل الاستئذان في كون التدخين يضر صحتك أو تجد حرجًا من رائحته الكريهة مثلًا، فإذا أَمِنْتَ مِن ذلك بفتح نوافذ السيارة مثلًا أو بالابتعاد عن دخان السيجارة في المنزل فإن إذنك له حينئذٍ لا علاقة له بكون التدخين حرامًا أو حلالًا، لكن يُستَحَبُّ لك نصحُه في ترك التدخين وضرره ومفاسده على الصحة والمال، ولا يُتَصَوَّرُ كونُه يستأذن في فعل الحرام إلا إذا كانت هناك قرينةٌ؛ كأن يكون المستأذَن منه ممن يُرجَع إلى قولهم في الفتوى والعلم مثلًا بحيث يُفهَم مِن السماح له إباحتُه شرعًا؛ فعليه حينئذٍ أن لا يأذن له إذا كان إذنُه سيُفهَم على الإباحة. والقاعدة المقررة أنه: إنما يُنْكَر المتفقُ عليه، ولا يُنْكَرُ المختلفُ فيه.

#وقفة_مع_أخي_المبتلى_بالتدخين..

كم أحزنُ - والله - لما أراك تعصي الله في #أشرف_الأوقات! وفي #أقدس_الأماكن!! بل وأثناء قيامك #بأَجَلِّ_الطاعات!!
وما ذاك إلا لأنك رضيت أن تكون #أسير_سيجارتك..
يؤلمني جدًا منظر ذاك #المؤمن الذي يحرص على صلاة التهجد في رمضان، يناجي ربه، ويدعوه، ويرجوه، ويتوسل إليه، ثم إذا بي أراه يبدأ - أول ما يبدأ به - بعد هذه العبادة العظيمة بأن يشعل سيجارته بمجرد أن يغادر المسجد!
يا #عبد_الله... كيف تقبل أن يكون أول ما تبدأ به بعد هذه الطاعة العظيمة هو أنت تعصي الله؟!!
أيُّ أَسْرٍ أعظمُ من #هذا_الأَسْر؟
وإنه ليحزنني جدًا منظر ذاك #الحاج لبيت الله الحرام، المنيب إلى ربه، الواقف بعرفة طيلة يومه، لا يوقفُه إلا الطمع في عفو الله ومغفرته، في موقف مهيب، تتنزلُ فيه الرحمات، وتُقالُ فيه العثرات، ثم ما إن ينتهي هذا الموقف العظيم الذي قد لا يتكرر له في حياته مرة أخرى، إلا وتراه يبادر إلى سيجارته التي هي في الحقيقة #سجّانته!
بل إن بعضهم لا يصبر على البعد عنها، فيشعلها وهو لا يزال واقفًا بعرفة!!
فأي #ذُلٍّ هذا الذي جعلك ذليلًا أمام سيجارة لا تقوى على تركها - ولو مؤقتًا - في المكان المقدس والموقف المهيب والزمان الشريف!
وكم أُشفِقُ على من تحمل الجوع والعطش في نهار رمضان - ابتغاء وجه الله - ثم إذا به يختم عبادته العظيمة الجليلة بأن يفطر على معصية الله، فتكون #سجانته هي أول ما يدخل جوفه بعد هذه العبادة الجليلة!!
وكم هو مؤسف مشهد أولئك #المؤمنين الذين يتبعون الجنازة لدفنها، في موقف ينقطع فيه كل تعلق بالدنيا، لكن للأسف لا ينقطع فيه تعلق #أسير_السيجارة بسجّانته، فما إن ينتهي من الدفن والتشييع حتى يبادر إلى إشعال #سجانته!
بل إن بعضهم يترك المشيعين يؤدون حق أخيهم الميت في تشييعه ودفنه، بينما هو ينسحب ليخلو مع #سجانته في زاوية من زوايا المقبرة، وكأنه نسي أن أمامه يومًا سيدخل فيه المقبرة - ولو بعد حين - محمولًا على الأعناق .. ليسكُنَها.. ولكن بدون #سجانته!!
أخي أيها #المؤمن_الصادق.. ليست المشكلة فقط في كون التدخين #معصية لله، بل المصيبة هي في أنها معصية لا تنفك عنك بحال! فتقارفها وتتلوث بدرنها في أشرف الأحوال التي لا يليق فيها إلا التجرد لطلب رضوان الله وعفوه ومغفرته..
#أخي_الحبيب.. والله إني أحب لك ما أحب لنفسي.. ألا فلتُعلِنْها من اليوم توبة.. فالعمر قصير.. والأجل قريب.. والكيِّس من دان نفسه، وعمل لما بعد الموت..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق