الثلاثاء، 5 أبريل 2022

كيف تتخلص من المال الحرام؟!

بقلم


محمد إبراهيم العشماوي
أستاذ الحديث الشريف وعلومه في جامعة الأزهر الشريف
لا تخلو مكاسب بعض الناس من الحرام الصِّرْف، أو من الشبهات، وبعض هؤلاء حين يستيقظ الإيمان في قلبه؛ يسأل ماذا يفعل بهذا المال؟!
والجواب: أنه يجب عليه التخلص منه بردِّه إلى أصحابه، ويحتال لذلك بأي طريق كان، تخلصًا من العتاب واللوم والمؤاخذة، ودفعًا للحرج، كأن يرسله إليه بالبريد، أو يعطيه إياه في مناسبة على صورة المجاملة، ونحو ذلك، فإن مات صاحب المال الأصلي لزمه رده إلى ورثته، ويحتال أيضا لذلك بنحو أن يخبرهم بأنه كان دينًا عليه لمُوَرِّثهم، فإن لم يعرف صاحب المال الأصلي، أو عجز عن الوصول إليه، أو لم يستطع التمييز؛ فقد اختلف أهل العلم في ذلك، ففريق يرى وجوب ردِّه إلى خزانة الدولة، تتصرف فيه كيف تشاء، وأنه لا يجوز التصدق به، ولا إنفاقه في وجوه الخيرات؛ لأنه كسب خبيث، ومال حرام، والحرام لا يعود حلالًا أبدًا، والشرع حثَّ على التصدق والإنفاق في وجوه الخيرات من مال حلال طيب!
وفريق يرى جواز التبرع به للمنافع العامة ومصالح المسلمين، كالمستشفيات والمدارس والمعاهد!
والذي أراه في ذلك أنه يجوز له أن يتصدق به على الفقراء والمساكين وسائر مصارف الزكاة، كما يجوز له أن يتبرع به للمنافع العامة، وأن يرده إلى خزانة الدولة!
فإن قيل: كيف يتصدق به على الفقراء والمساكين وهو مال خبيث، والله تعالى طيب لا يقبل إلا طيبًا؟!
قلت: لا يتصدق به بنية القبول وطلب الثواب، بل بنية التخلص منه والفرار من الإثم، ولا ثواب له عليه، وقد يثاب على نيته وتوبته، تفضلًا من الله عليه!
وأما أن المال الحرام لا يعود حلالًا؛ فمدفوع بأن الحل والحرمة لا يتعلقان بذات المال، وإنما يتعلقان بوجوه الكسب والإنفاق، فقد يكون المال حرامًا بالنسبة لي؛ لكوني كسبته من وجه حرام، وذات المال حلالًا بالنسبة للفقير، لكونه اكتسبه من وجه حلال، وهو الصدقة!
كما أن إخراجه في منافع المسلمين العامة؛ هو أيضًا من مصارف الصدقة، فَلِمَ أجزتموه هنا، ومنعتموه هناك؟!
بقيت مسألة: إذا كان جميع ماله حرامًا، وأخرجه كله، فكيف يعيش؟!
والجواب: يسعى في كسب الحلال، فإن تعذر عليه؛ جاز له أن يُبقي منه قدرًا يتعيش به حتى يتيسر له الكسب الحال، ويكون هذا من باب الضرورة، والضرورة تُقَدَّرُ بقدرها، وجائز له أن يأخذ من مال الزكاة؛ لأنه استحقها بالفقر، والله أعلم، وبالله التوفيق.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق